القول في
تأويل قوله تعالى : ( وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين ( 12 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله لنبيه
موسى : (
وأدخل يدك في جيبك ) ذكر أنه تعالى ذكره أمره أن يدخل كفه في جيبه ; وإنما أمره بإدخاله في جيبه ، لأن الذي كان عليه يومئذ مدرعة من صوف . قال بعضهم : لم يكن لها كم . وقال بعضهم : كان كمها إلى بعض يده .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين قال ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : (
وأدخل يدك في جيبك ) قال : الكف فقط في جيبك ، قال : كانت مدرعة إلى بعض يده ، ولو كان لها كم أمره أن يدخل يده في كمه .
قال : ثني
حجاج ، عن يونس بن
أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن
عمرو بن ميمون قال : قال
ابن مسعود : إن
موسى أتى
فرعون حين أتاه في ذرمانقة ، يعني جبة صوف .
[ ص: 435 ]
وقوله : (
تخرج بيضاء ) يقول : تخرج اليد بيضاء بغير لون
موسى (
من غير سوء ) يقول : من غير برص (
في تسع آيات ) ، يقول تعالى ذكره : أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ، فهي آية في تسع آيات مرسل أنت بهن إلى
فرعون ; وترك ذكر مرسل لدلالة قوله (
إلى فرعون وقومه ) على أن ذلك معناه ، كما قال الشاعر :
رأتني بحبليها فصدت مخافة وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق
ومعنى الكلام : رأتني مقبلا بحبليها ، فترك ذكر " مقبل " استغناء بمعرفة السامعين معناه في ذلك ، إذ قال : رأتني بحبليها ; ونظائر ذلك في كلام العرب كثيرة .
والآيات التسع : هن الآيات التي بيناهن فيما مضى .
وقد حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
تسع آيات إلى فرعون وقومه ) قال : هي التي ذكر الله في القرآن : العصا ، واليد ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والطوفان ، والدم ، والحجر ، والطمس الذي أصاب آل
فرعون في أموالهم .
وقوله : (
إنهم كانوا قوما فاسقين ) يقول : إن
فرعون وقومه من
القبط كانوا قوما فاسقين ، يعني كافرين بالله ، وقد بينا معنى الفسق فيما مضى .