القول في
تأويل قوله تعالى : ( وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ( 9 ) )
يقول تعالى ذكره : (
وقالت امرأة فرعون ) له هذا (
قرة عين لي ولك ) يا
فرعون ; فقرة عين مرفوعة بمضمر هو هذا ، أو هو . وقوله : ( لا تقتلوه ) مسألة من
امرأة فرعون أن لا يقتله . وذكر أن المرأة لما قالت هذا القول
لفرعون ، قال
فرعون : أما لك فنعم ، وأما لي فلا فكان كذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
أبي معشر ، عن
محمد بن قيس ، قال : قالت
امرأة فرعون : (
قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) قال
فرعون : قرة عين لك ، أما لي فلا . قال
محمد بن قيس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
لو قال فرعون : قرة عين لي ولك ، لكان لهما جميعا " .
حدثنا
موسى ، قال : ثنا
عمرو ، قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قال : اتخذه فرعون ولدا ، ودعي على أنه ابن فرعون ; فلما تحرك الغلام أرته أمه
آسية صبيا ، فبينما هي ترقصه
[ ص: 525 ] وتلعب به ، إذ ناولته فرعون ، وقالت : خذه ، قرة عين لي ولك ، قال فرعون : هو قرة عين لك ، لا لي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس : لو أنه قال : وهو لي قرة عين إذن ; لآمن به ، ولكنه أبى .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قالت امرأة فرعون : (
قرة عين لي ولك ) تعني بذلك :
موسى .
حدثنا
العباس بن الوليد ، قال : أخبرنا
يزيد ، قال : أخبرنا
الأصبح بن يزيد ، قال : ثنا
القاسم بن أبي أيوب ، قال : ثني
سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=812452عن ابن عباس قال : لما أتت بموسى امرأة فرعون فرعون قالت : ( قرة عين لي ولك ) قال فرعون : يكون لك ، فأما لي فلا حاجة لي فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي يحلف به لو أقر فرعون أن يكون له قرة عين كما أقرت ، لهداه الله به كما هدى به امرأته ، ولكن الله حرمه ذلك " .
وقوله : (
لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) ذكر أن
امرأة فرعون قالت هذا القول حين هم بقتله . قال بعضهم : حين أتي به يوم التقطه من اليم . وقال بعضهم : يوم نتف من لحيته ، أو ضربه بعصا كانت في يده .
ذكر من قال : قالت ذلك يوم نتف لحيته :
حدثنا
موسى ، قال : ثنا
عمرو ، قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قال : لما أتي
فرعون به صبيا أخذه إليه ، فأخذ
موسى بلحيته فنتفها ، قال
فرعون : علي بالذباحين ، هو هذا ! قالت
آسية (
لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) إنما هو صبي لا يعقل ، وإنما صنع هذا من صباه .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) قال : ألقيت عليه رحمتها حين أبصرته .
وقوله : ( وهم لا يشعرون ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وهم لا يشعرون هلاكهم على يده .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ( وهم لا يشعرون ) قال : وهم لا يشعرون أن هلكتهم على يديه ، وفي زمانه .
[ ص: 526 ]
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
سفيان ، عن
معمر ، عن
قتادة (
أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ) قال : إن هلاكهم على يديه .
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : ( وهم لا يشعرون ) قال : آل
فرعون إنه لهم عدو .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ( وهم لا يشعرون ) بما هو كائن من أمرهم وأمره .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، قال : قالت
امرأة فرعون آسية : (
لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ) يقول الله : وهم لا يشعرون أي : بما هو كائن بما أراد الله به .
وقال آخرون : بل معنى قوله : ( وهم لا يشعرون )
بنو إسرائيل لا يشعرون أنا التقطناه .
ذكر من قال ذلك .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
أبي معشر ، عن
محمد بن قيس (
لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ) قال : يقول : لا تدري
بنو إسرائيل أنا التقطناه .
والصواب من القول في ذلك ، قول من قال : معنى ذلك :
وفرعون وآله لا يشعرون بما هو كائن من هلاكهم على يديه .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات به ; لأنه عقيب قوله : (
وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) وإذا كان ذلك عقبه ، فهو بأن يكون بيانا عن القول الذي هو عقبه أحق من أن يكون بيانا عن غيره .