القول في
تأويل قوله تعالى : ( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ( 20 ) )
ذكر أن قول الإسرائيلي سمعه سامع فأفشاه ، وأعلم به أهل القتيل ، فحينئذ طلب
فرعون موسى ، وأمر بقتله ; فلما أمر بقتله ، جاء
موسى مخبر وخبره بما قد أمر به
فرعون في أمره ، وأشار عليه بالخروج من
مصر ، بلد
فرعون وقومه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 546 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
العباس ، قال : أخبرنا
يزيد ، قال : أخبرنا
الأصبغ بن زيد ، قال : ثنا
القاسم بن أبي أيوب ، قال : ثني
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : انطلق الفرعوني الذي كان يقاتل الإسرائيلي إلى قومه ، فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول (
أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) فأرسل
فرعون الذباحين لقتل
موسى ، فأخذوا الطريق الأعظم ، وهم لا يخافون أن يفوتهم ، وكان رجل من شيعة
موسى في أقصى المدينة ، فاختصر طريقا قريبا ، حتى سبقهم إلى
موسى ، فأخبره الخبر .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : أعلمهم القبطي الذي هو عدو لهما ، فأتمر الملأ ليقتلوه ، فجاء رجل من أقصى المدينة ، وقرأ ( إن . . . ) إلى آخر الآية ، قال : كنا نحدث أنه مؤمن آل فرعون .
حدثنا
موسى ، قال : ثنا
عمرو ، قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قال : ذهب القبطي ، يعني الذي كان يقاتل الإسرائيلي ، فأفشى عليه أن
موسى هو الذي قتل الرجل ، فطلبه
فرعون وقال : خذوه فإنه صاحبنا ، وقال للذين يطلبونه : اطلبوه في بنيات الطريق ، فإن
موسى غلام لا يهتدي الطريق ، وأخذ
موسى في بنيات الطريق ، وقد جاءه الرجل فأخبره (
إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
أبي بكر بن عبد الله ، عن أصحابه ، قالوا : لما سمع القبطي قول الإسرائيلي
لموسى (
أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) سعى بها إلى أهل المقتول فقال : إن
موسى هو قتل صاحبكم ، ولو لم يسمعه من الإسرائيلي لم يعلمه أحد ; فلما علم
موسى أنهم قد علموا خرج هاربا ، فطلبه القوم فسبقهم ; قال : وقال
ابن أبي نجيح : سعى القبطي .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا أبو
سفيان ، عن
معمر ، قال قال الإسرائيلي
لموسى : (
أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) وقبطي قريب منهما يسمع ، فأفشى عليهما .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : سمع ذلك عدو ، فأفشى عليهما .
[ ص: 547 ]
وقوله : ( وجاء رجل ) ذكر أنه مؤمن آل
فرعون ، وكان اسمه فيما قيل : سمعان .
وقال بعضهم : بل كان اسمه شمعون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، أخبرني
وهب بن سليمان ، عن
شعيب الجبئي ، قال : اسمه
شمعون الذي قال
لموسى : (
إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، قال : أصبح الملأ من قوم
فرعون قد أجمعوا لقتل
موسى فيما بلغهم عنه ، فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى يقال له
سمعان ، فقال : (
يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ) .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا أبو
سفيان ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قال : (
وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى إلى موسى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ) .
وقوله : (
من أقصى المدينة ) يقول : من آخر مدينة
فرعون ( يسعى ) يقول : يعجل .
كما حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : (
وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ) قال : يعجل ، ليس بالشد .
وقوله : (
قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) يقول جل ثناؤه : قال الرجل الذي جاءه من أقصى المدينة يسعى
لموسى : يا
موسى إن أشراف قوم
فرعون ورؤساءهم يتآمرون بقتلك ، ويتشاورون ويرتئون فيك ; ومنه قول الشاعر :
ما تأتمر فينا فأم رك في يمينك أو شمالك
[ ص: 548 ]
يعني : ما ترتئي ، وتهم به ; ومنه قول
النمر بن تولب :
أرى الناس قد أحدثوا شيمة وفي كل حادثة يؤتمر
أي : يتشاور ويرتأى فيها .
وقوله : (
فاخرج إني لك من الناصحين ) يقول : فاخرج من هذه المدينة ، إني لك في إشارتي عليك بالخروج منها من الناصحين .