القول في تأويل قوله تعالى : (
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون ( 29 ) )
يقول تعالى ذكره : فلما وفى
موسى صاحبه الأجل الذي فارقه عليه ، عند إنكاحه إياه ابنته ، وذكر أن الذي وفاه من الأجلين ، أتمهما وأكملهما ، وذلك العشر الحجج ، على أن بعض أهل العلم قد روي عنه أنه قال : زاد مع العشر عشرا أخرى .
ذكر من قال : الذي قضى من ذلك هو الحجج العشر :
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، قال : سألت
ابن عباس : أي الأجلين قضى
موسى ؟ قال : خيرهما وأوفاهما .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس سئل : أي الأجلين قضى
موسى ؟ قال : أتمهما وأخيرهما .
حدثني
محمد بن عمارة ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، قال : ثنا
موسى بن عبيدة ، عن أخيه ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : قضى
موسى آخر الأجلين .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
ابن عبيدة ، عن
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة ، سئل
[ ص: 569 ] ابن عباس : أي الأجلين قضى
موسى ؟ قال : أتمهما وأوفاهما .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، قال : ثني
ابن إسحاق ، عن
حكيم بن جبير ، عن
سعيد بن جبير ، قال : قال يهودي
بالكوفة وأنا أتجهز للحج : إني أراك رجلا تتتبع العلم ، أخبرني أي الأجلين قضى
موسى ؟ قلت : لا أعلم ، وأنا الآن قادم على حبر
العرب ، يعني
ابن عباس ، فسائله عن ذلك ; فلما قدمت
مكة سألت
ابن عباس عن ذلك وأخبرته بقول اليهودي ، فقال
ابن عباس : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن النبي إذا وعد لم يخلف ، قال
سعيد : فقدمت
العراق فلقيت اليهودي ، فأخبرته ، فقال : صدق ، وما أنزل على
موسى هذا ، والله العالم .
قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
الأصبغ بن زيد ، عن
القاسم بن أبي أيوب ، عن
سعيد بن جبير ، قال : سألني رجل من أهل النصرانية : أي الأجلين قضى
موسى ؟ قلت : لا أعلم ، وأنا يومئذ لا أعلم ، فلقيت
ابن عباس ، فذكرت له الذي سألني عنه النصراني ، فقال : أما كنت تعلم أن ثمانيا واجب عليه ، لم يكن نبي الله نقص منها شيئا ، وتعلم أن الله كان قاضيا عن
موسى عدته التي وعده ، فإنه قضى عشر سنين .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
فلما قضى موسى الأجل ) قال : حدث
ابن عباس ، قال : رعى عليه نبي الله أكثرها وأطيبها .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن
أبي معشر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810874سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أوفاهما وأتمهما " .
حدثنا
أحمد بن محمد الطوسي ، قال : ثنا
الحميدي أبو بكر بن عبد الله بن الزبير قال : ثنا
سفيان ، قال : ثني
إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب ، عن
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502076أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سألت جبرائيل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : أتمهما وأكملهما " .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
مجاهد :
إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبرائيل : " أي الأجلين قضى موسى ؟ قال سوف أسال إسرافيل ، فسأله فقال : سوف أسأل الله تبارك وتعالى ، فسأله ، [ ص: 570 ] فقال : أبرهما وأوفاهما " .
ذكر من قال : قضى العشر الحجج وزاد على العشر عشرا أخرى :
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
فلما قضى موسى الأجل ) قال : عشر سنين ، ثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : (
قضى موسى الأجل ) عشر سنين ، ثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ، قال : ثنا أبي ، عن
قتادة ، قال : ثنا
أنس ، قال : لما دعا نبي الله
موسى صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما ، قال له صاحبه : كل شاة ولدت على غير لونها فلك ولد ، فعمد ، فرفع خيالا على الماء ، فلما رأت الخيال فزعت ، فجالت جولة فولدن كلهن بلقا ، إلا شاة واحدة ، فذهب بأولادهن ذلك العام .
وقوله : (
وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا ) يقول تعالى ذكره : (
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ) شاخصا بهم إلى منزله من
مصر (
آنس من جانب الطور ) يعني بقوله : آنس : أبصر وأحس كما قال
العجاج :
آنس خربان قضاء فانكدر دانى جناحيه من الطور فمر
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وقد ذكرنا الرواية بذلك فيما مضى قبل ، غير أنا نذكر ههنا بعض ما لم نذكر قبل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : حدثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا ) : أي أحسست نارا .
وقد بينا معنى
الطور فيما مضى بشواهده ، وما فيه من الرواية عن أهل التأويل .
وقوله : (
لأهله امكثوا إني آنست نارا ) يقول : قال
موسى لأهله : تمهلوا وانتظروا : إني أبصرت نارا (
لعلي آتيكم منها ) يعني من النار (
بخبر أو جذوة من النار ) يقول : أو آتيكم بقطعة غليظة من الحطب فيها النار ، وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة ; ومنه قول
ابن مقبل :
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجذا غير خوار ولا دعر
وفي الجذوة لغات
للعرب ثلاث : جذوة بكسر الجيم ، وبها قرأت قراء
الحجاز والبصرة وبعض أهل
الكوفة . وهي أشهر اللغات الثلاث فيها ، وجذوة بفتح الجيم ، وبها قرأ أيضا بعض قراء
الكوفة . وهذه اللغات الثلاث وإن كن مشهورات في كلام
العرب ، فالقراءة بأشهرها أعجب إلي ، وإن لم أنكر قراءة من قرأ بغير الأشهر منهن .
وبنحو الذي قلنا في معنى الجذوة قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : ( أو جذوة من النار ) يقول : شهاب .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ( أو جذوة ) والجذوة : أصل شجرة فيها نار .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
أبو سفيان ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قوله : (
إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار ) قال : أصل الشجرة
[ ص: 572 ] في طرفها النار ، فذلك قوله : ( أو جذوة ) قال : السعف فيه النار . قال
معمر ، وقال
قتادة ( أو جذوة ) : أو شعلة من النار .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
أو جذوة من النار ) قال : أصل شجرة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ( أو جذوة من النار ) قال : أصل شجرة .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
أو جذوة من النار ) قال : الجذوة : العود من الحطب الذي فيه النار ، ذلك الجذوة .
وقوله : (
لعلكم تصطلون ) يقول : لعلكم تسخنون بها من البرد ، وكان في شتاء .