القول في تأويل قوله تعالى : (
وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ( 69 )
وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ( 70 ) )
يقول تعالى ذكره : وربك يا
محمد يعلم ما تخفي صدور خلقه ، وهو من : أكننت الشيء في صدري : إذا أضمرته فيه ، وكننت الشيء : إذا صنته ، ( وما يعلنون ) : يقول : وما يبدونه بألسنتهم وجوارحهم ، وإنما يعني بذلك أن اختيار من يختار منهم للإيمان به على علم منه بسرائر أمورهم وبواديها ، وأنه يختار للخير أهله ،
[ ص: 612 ] فيوفقهم له ، ويولي الشر أهله ، ويخليهم وإياه ، وقوله : (
وهو الله لا إله إلا هو ) يقول تعالى ذكره : وربك يا
محمد ، المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له ، ولا معبود تجوز عبادته غيره (
له الحمد في الأولى ) يعني : في الدنيا (
والآخرة وله الحكم ) يقول : وله القضاء بين خلقه (
وإليه ترجعون ) يقول : وإليه تردون من بعد مماتكم ، فيقضي بينكم بالحق .