صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ( 77 ) ) [ ص: 624 ]

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل قوم قارون له : لا تبغ يا قارون على قومك بكثرة مالك ، والتمس فيما آتاك الله من الأموال خيرات الآخرة ، بالعمل فيها بطاعة الله في الدنيا ، وقوله : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) يقول : ولا تترك نصيبك وحظك من الدنيا ، أن تأخذ فيها بنصيبك من الآخرة ، فتعمل فيه بما ينجيك غدا من عقاب الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ) يقول : لا تترك أن تعمل لله في الدنيا .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن ابن عباس ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال : أن تعمل فيها لآخرتك .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا قرة بن خالد ، عن عون بن عبد الله ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال : إن قوما يضعونها على غير موضعها . ولا تنس نصيبك من الدنيا : تعمل فيها بطاعة الله .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال : العمل بطاعته .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : تعمل في دنياك لآخرتك .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال : العمل فيها بطاعة الله .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن عيسى الجرشي ، عن مجاهد : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال : أن تعمل في دنياك لآخرتك . [ ص: 625 ]

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن مجاهد ، قال : العمل بطاعة الله : نصيبه من الدنيا ، الذي يثاب عليه في الآخرة .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال : لا تنس أن تقدم من دنياك لآخرتك ، فإنما تجد في آخرتك ما قدمت في الدنيا ، فيما رزقك الله .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تترك أن تطلب فيها حظك من الرزق .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) : قال الحسن : ما أحل الله لك منها ، فإن لك فيه غنى وكفاية .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا محمد بن حميد المعمري ، عن معمر ، عن قتادة : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال : طلب الحلال .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حفص ، عن أشعث ، عن الحسن : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) : قال : قدم الفضل ، وأمسك ما يبلغك .

القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : الحلال فيها .

وقوله : ( وأحسن كما أحسن الله إليك ) يقول : وأحسن في الدنيا إنفاق مالك الذي آتاكه الله ، في وجوهه وسبله ، كما أحسن الله إليك ، فوسع عليك منه ، وبسط لك فيها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وأحسن كما أحسن الله إليك ) قال : أحسن فيما رزقك الله .

( ولا تبغ الفساد في الأرض ) يقول : ولا تلتمس ما حرم الله عليك من البغي على قومك .

( إن الله لا يحب المفسدين ) يقول : إن الله لا يحب بغاة البغي والمعاصي .

التالي السابق


الخدمات العلمية