القول في تأويل قوله تعالى : ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون ( 12 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وقال الذين كفروا بالله من
قريش للذين آمنوا بالله منهم (
اتبعوا سبيلنا ) يقول : قالوا : كونوا على مثل ما نحن عليه من التكذيب بالبعث بعد الممات وجحود الثواب والعقاب على الأعمال (
ولنحمل خطاياكم ) يقول : قالوا فإنكم إن اتبعتم سبيلنا في ذلك ، فبعثتم من بعد الممات ، وجوزيتم على الأعمال فإنا
[ ص: 15 ] نتحمل آثام خطاياكم حينئذ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) قال : قول كفار
قريش بمكة لمن آمن منهم ، يقول : قالوا : لا نبعث نحن ولا أنتم ، فاتبعونا ، إن كان عليكم شيء فهو علينا .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
وقال الذين كفروا ) هم القادة من الكفار ، قالوا لمن آمن من الأتباع : اتركوا دين
محمد واتبعوا ديننا ، وهذا - أعني قوله : (
اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) - وإن كان خرج مخرج الأمر ، فإن فيه تأويل الجزاء ، ومعناه ما قلت : إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم ، كما قال الشاعر :
فقلت ادعي وأدع فإن أندى لصوت أن ينادي داعيان
يريد : ادعي ولأدع ، ومعناه : إن دعوت دعوت .
وقوله : (
وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون ) وهذا تكذيب من الله للمشركين القائلين للذين آمنوا (
اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) يقول جل
[ ص: 16 ] ثناؤه : وكذبوا في قيلهم ذلك لهم ، ما هم بحاملين من آثام خطاياهم من شيء ، إنهم لكاذبون فيما قالوا لهم ووعدوهم من حمل خطاياهم إن هم اتبعوهم .