القول في تأويل قوله تعالى : ( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ( 19 )
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ( 20 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أولم يروا كيف يستأنف الله خلق الأشياء طفلا صغيرا ، ثم غلاما يافعا ، ثم رجلا مجتمعا ، ثم كهلا ؟ ! يقال منه : أبدأ وأعاد وبدأ وعاد ، لغتان بمعنى واحد . وقوله : ( ثم يعيده ) يقول : ثم هو يعيده من بعد فنائه وبلاه ، كما بدأه أول مرة
[ ص: 21 ] خلقا جديدا ، لا يتعذر عليه ذلك (
إن ذلك على الله يسير ) سهل كما كان يسيرا عليه إبداؤه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة في قوله : (
أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ) : بالبعث بعد الموت .
وقوله : (
قل سيروا في الأرض ) يقول - تعالى ذكره -
لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : قل يا
محمد للمنكرين للبعث بعد الممات ، الجاحدين الثواب والعقاب : (
سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ ) الله الأشياء وكيف أنشأها وأحدثها ؛ وكما أوجدها وأحدثها ابتداء - فلم يتعذر عليه إحداثها مبدئا - فكذلك لا يتعذر عليه إنشاؤها معيدا (
ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ) يقول : ثم الله يبدئ تلك البدأة الآخرة بعد الفناء .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ) خلق السموات والأرض (
ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ) : أي البعث بعد الموت .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ) قال : هي الحياة بعد الموت ، وهو النشور .
وقوله : (
إن الله على كل شيء قدير ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله على إنشاء جميع خلقه بعد إفنائه كهيئته قبل فنائه ، وعلى غير ذلك مما يشاء فعله قادر لا يعجزه شيء أراده .