القول في تأويل قوله تعالى : ( ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين ( 33 ) )
يقول - تعالى ذكره - : (
ولما أن جاءت رسلنا لوطا ) من الملائكة (
سيء بهم ) يقول : ساءته الملائكة بمجيئهم إليه ، وذلك أنهم تضيفوه ، فساءوه بذلك ، فقوله : (
سيء بهم ) : فعل بهم من ساءه بذلك .
وذكر عن
قتادة أنه كان يقول : ساء ظنه بقومه ، وضاق بضيفه ذرعا .
حدثنا بذلك
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عنه (
وضاق بهم ذرعا ) يقول : وضاق ذرعه بضيافتهم لما علم من خبث فعل قومه .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا ) قال : بالضيافة مخافة عليهم مما يعلم من شر قومه .
وقوله : (
وقالوا لا تخف ولا تحزن ) يقول - تعالى ذكره - : قالت الرسل
للوط :
[ ص: 33 ] لا تخف علينا أن يصل إلينا قومك ، ولا تحزن مما أخبرناك من أنا مهلكوهم ، وذلك أن الرسل قالت له : (
يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ) ، (
إنا منجوك ) من العذاب الذي هو نازل بقومك ( وأهلك ) يقول : ومنجو أهلك معك (
إلا امرأتك ) فإنها هالكة فيمن يهلك من قومها ، كانت من الباقين الذين طالت أعمارهم .