القول في تأويل قوله تعالى : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ( 41 ) )
يقول - تعالى ذكره - : مثل الذين اتخذوا الآلهة والأوثان من دون الله أولياء يرجون نصرها ونفعها عند حاجتهم إليها في ضعف احتيالهم ، وقبح رواياتهم ، وسوء اختيارهم لأنفسهم ، (
كمثل العنكبوت ) في ضعفها ، وقلة احتيالها لنفسها ، (
اتخذت بيتا ) لنفسها ، كيما يكنها ، فلم يغن عنها شيئا عند حاجتها إليه ، فكذلك هؤلاء المشركون لم يغن عنهم حين نزل بهم أمر الله ، وحل بهم سخطه أولياؤهم الذين اتخذوهم من دون الله شيئا ، ولم يدفعوا عنهم ما أحل الله بهم من سخطه بعبادتهم إياهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) إلى آخر الآية ، قال : ذلك مثل ضربه الله لمن عبد غيره ، إن مثله كمثل بيت العنكبوت .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت ) قال : هذا مثل ضربه الله للمشرك مثل إلهه الذي يدعوه من دون الله كمثل بيت العنكبوت واهن ضعيف لا ينفعه .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) قال : هذا مثل ضربه الله ، لا يغني أولياؤهم عنهم شيئا ، كما لا يغني العنكبوت بيتها هذا .
وقوله : (
وإن أوهن البيوت ) يقول : إن أضعف البيوت (
لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) يقول - تعالى ذكره - : لو كان هؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء ، يعلمون
[ ص: 39 ] أن أولياءهم الذين اتخذوهم من دون الله في قلة غنائهم عنهم ، كغناء بيت العنكبوت عنها ، لكنهم يجهلون ذلك ، فيحسبون أنهم ينفعونهم ويقربونهم إلى الله زلفى .