القول في تأويل قوله تعالى : ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ( 60 ) )
يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين به وبرسوله ، من أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - : هاجروا وجاهدوا في الله أيها المؤمنون أعداءه ، ولا تخافوا عيلة ولا إقتارا ، فكم من دابة ذات حاجة إلى غذاء ومطعم ومشرب (
لا تحمل رزقها ) ، يعني : غذاءها لا تحمله ، فترفعه في يومها لغدها لعجزها عن ذلك (
الله يرزقها وإياكم ) يوما بيوم ( وهو السميع ) لأقوالكم : نخشى بفراقنا أوطاننا العيلة ( العليم ) ما في أنفسكم ، وما إليه صائر أمركم ، وأمر عدوكم ، من إذلال الله إياهم ، ونصرتكم عليهم ، وغير ذلك من أموركم ، لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله ) قال : الطير والبهائم لا تحمل الرزق .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
المعتمر بن سليمان قال : سمعت
عمران ، عن
أبي مجلز في هذه الآية (
وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ) قال : من الدواب ما لا يستطيع أن يدخر لغد ، يوفق لرزقه كل يوم حتى يموت .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا
يحيى بن يمان ، عن
سفيان ، عن
علي بن الأقمر (
وكأين من دابة لا تحمل رزقها ) قال : لا تدخر شيئا لغد .