القول في تأويل قوله تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ( 12 )
ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ( 13 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ويوم تجيء الساعة التي فيها يفصل الله بين خلقه ، وينشر
[ ص: 80 ] فيها الموتى من قبورهم ، فيحشرهم إلى موقف الحساب (
يبلس المجرمون ) يقول : ييأس الذين أشركوا بالله ، واكتسبوا في الدنيا مساوئ الأعمال من كل شر ، ويكتئبون ويتندمون ، كما قال
العجاج :
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : ( يبلس ) . قال : يكتئب .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
يبلس المجرمون ) أي في النار .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قول الله : (
ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ) قال : المبلس : الذي قد نزل به الشر ، إذا أبلس الرجل ، فقد نزل به بلاء .
وقوله : (
ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء ) يقول - تعالى ذكره - : (
ويوم تقوم الساعة ) لم يكن لهؤلاء المجرمين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم (
من شركائهم ) الذين كانوا يتبعونهم ، على ما دعوهم إليه من الضلالة ، فيشاركونهم في الكفر بالله ، والمعاونة على أذى رسله ، ( شفعاء ) يشفعون لهم عند الله ، فيستنقذوهم من عذابه ، (
وكانوا بشركائهم كافرين ) يقول : وكانوا بشركائهم في الضلالة والمعاونة في الدنيا على أولياء الله ( كافرين ) ، يجحدون ولايتهم ، ويتبرءون منهم ، كما قال جل ثناؤه : (
إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا ) .
[ ص: 81 ]