القول في تأويل قوله تعالى : (
وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ( 36 ) )
يقول - تعالى ذكره - : إذا أصاب الناس منا خصب ورخاء وعافية في الأبدان والأموال ، فرحوا بذلك ، وإن تصبهم منا شدة من جدب وقحط وبلاء في الأموال والأبدان (
بما قدمت أيديهم ) يقول : بما أسلفوا من سيئ الأعمال بينهم وبين الله ، وركبوا من المعاصي (
إذا هم يقنطون ) يقول : إذا هم ييأسون من الفرج ، والقنوط : هو الإياس ، ومنه قول
حميد الأرقط
قد وجدوا الحجاج غير قانط
وقوله : (
إذا هم يقنطون ) هو جواب الجزاء ؛ لأن " إذا " نابت عن الفعل بدلالتها عليه ، فكأنه قيل : وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم وجدتهم يقنطون ، أو تجدهم ، أو رأيتهم ، أو تراهم . وقد كان بعض نحويي
البصرة يقول : إذا كانت " إذا " جوابا لأنها
[ ص: 103 ] متعلقة بالكلام الأول بمنزلة الفاء .