القول في تأويل قوله تعالى : ( وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ( 49 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وكان هؤلاء الذين أصابهم الله بهذا الغيث من عباده ، من قبل أن ينزل عليهم هذا الغيث ، من قبل هذا الغيث ( لمبلسين ) يقول : لمكتئبين حزنين ؛ باحتباسه عنهم .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ) : أي قانطين .
واختلف أهل العربية في وجه تكرير " من قبله " وقد تقدم قبل ذلك قوله : (
من قبل أن ينزل عليهم ) فقال بعض نحويي
البصرة : رد من قبله على التوكيد ، نحو قوله : (
فسجد الملائكة كلهم أجمعون ) . وقال غيره : ليس ذلك كذلك ؛ لأن مع (
من قبل أن ينزل عليهم ) حرفا ليس مع الثانية ، قال : فكأنه قال : من قبل التنزيل من قبل المطر ، فقد اختلفتا ، وأما (
كلهم أجمعون ) وكد بأجمعين ؛ لأن كلا يكون اسما ويكون توكيدا ، وهو قوله : أجمعون . والقول عندي في قوله : ( من قبله ) على وجه التوكيد .