القول في تأويل قوله تعالى : (
الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ( 54 ) )
[ ص: 118 ]
يقول - تعالى ذكره - لهؤلاء المكذبين بالبعث من مشركي
قريش ، محتجا عليهم بأنه القادر على ذلك ، وعلى ما يشاء : (
الله الذي خلقكم ) أيها الناس ( من ضعف ) يقول : من نطفة وماء مهين ، فأنشأكم بشرا سويا ، (
ثم جعل من بعد ضعف قوة ) يقول : ثم جعل لكم قوة على التصرف ، من بعد خلقه إياكم من ضعف ، ومن بعد ضعفكم بالصغر والطفولة ، (
ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) يقول : ثم أحدث لكم الضعف ، بالهرم والكبر عما كنتم عليه أقوياء في شبابكم ، وشيبة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
الذي خلقكم من ضعف ) أي : من نطفة (
ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا ) : الهرم ( وشيبة ) : الشمط .
وقوله : (
يخلق ما يشاء ) يقول - تعالى ذكره - : يخلق ما يشاء من ضعف وقوة وشباب وشيب ( وهو العليم ) بتدبير خلقه ( القدير ) على ما يشاء ، لا يمتنع عليه شيء أراده ، فكما فعل هذه الأشياء ، فكذلك يميت خلقه ويحييهم إذا شاء . يقول : واعلموا أن الذي فعل هذه الأفعال بقدرته يحيي الموتى إذا شاء .