القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد ( 12 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ولقد آتينا
لقمان الفقه في الدين والعقل والإصابة في القول .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
ولقد آتينا لقمان الحكمة ) قال : الفقه والعقل والإصابة في القول من غير نبوة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
ولقد آتينا لقمان الحكمة ) أي الفقه في الإسلام . قال
قتادة : ولم يكن نبيا ، ولم يوح إليه .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا
هشيم قال : أخبرنا
يونس ، عن
مجاهد في قوله : (
ولقد آتينا لقمان الحكمة ) قال : الحكمة : الصواب . وقال غير
أبي بشر : الصواب في غير النبوة .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد [ ص: 135 ] أنه قال : كان
لقمان رجلا صالحا ، ولم يكن نبيا .
حدثني
نصر بن عبد الرحمن الأودي وابن حميد قالا : ثنا
حكام ، عن
سعيد الزبيدي ، عن
مجاهد قال : كان
لقمان الحكيم عبدا حبشيا ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، قاضيا على بني إسرائيل .
حدثني
عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال : ثنا
يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن
مجاهد قال : كان
لقمان عبدا أسود ، عظيم الشفتين ، مشقق القدمين .
حدثني
عباس بن محمد قال : ثنا
خالد بن مخلد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال قال : ثني
يحيى بن سعيد قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب يقول : كان
لقمان الحكيم أسود من سودان
مصر .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
أشعث ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : كان
لقمان عبدا حبشيا .
حدثنا
العباس بن الوليد قال : أخبرنا أبي ، قال : ثنا
الأوزاعي قال : ثنا
عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء أسود إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب يسأل ، فقال له
سعيد : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان :
بلال ، ومهجع مولى عمر بن الخطاب ، ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا أبي ، عن
أبي الأشهب ، عن
خالد الربعي قال : كان
لقمان عبدا حبشيا نجارا ، فقال له مولاه : اذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها ، قال : أخرج أطيب مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، ثم مكث ما شاء الله ، ثم قال : اذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها ، فقال : أخرج أخبث مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، فقال له مولاه : أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما ، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما ، فقال له
لقمان : إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
الحكم قال : ثنا
عمرو بن قيس قال : كان
لقمان عبدا أسود ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، فأتاه رجل ، وهو في مجلس أناس يحدثهم ، فقال له : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟ قال : نعم ، قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، والصمت عما لا يعنيني .
[ ص: 136 ]
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا أبي ، عن
سفيان ، عن رجل ، عن
مجاهد (
ولقد آتينا لقمان الحكمة ) قال : القرآن .
قال : ثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : الحكمة : الأمانة .
وقال آخرون : كان نبيا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع قال : ثني أبي ، عن
إسرائيل ، عن جابر ، عن
عكرمة قال : كان
لقمان نبيا .
وقوله : (
أن اشكر لله ) يقول - تعالى ذكره - : (
ولقد آتينا لقمان الحكمة ) أن احمد الله على ما آتاك من فضله ، وجعل قوله : ( أن اشكر ) ترجمة عن الحكمة ؛ لأن من الحكمة التي كان أوتيها ، كان شكره الله على ما آتاه ، وقوله : (
ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ) يقول : ومن يشكر الله على نعمه عنده فإنما يشكر لنفسه ؛ لأن الله يجزل له على شكره إياه الثواب ، وينقذه به من الهلكة (
ومن كفر فإن الله غني حميد ) يقول : ومن كفر نعمة الله عليه إلى نفسه أساء ؛ لأن الله معاقبه على كفرانه إياه ، والله غني عن شكره إياه على نعمه ، لا حاجة به إليه ؛ لأن شكره إياه لا يزيد في سلطانه ، ولا ينقص كفرانه إياه من ملكه . ويعني بقوله : ( حميد ) محمود على كل حال ، له الحمد على نعمه ، كفر العبد نعمته أو شكره عليها . وهو مصروف من مفعول إلى فعيل .