القول في تأويل قوله تعالى : (
واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ( 19 ) )
[ ص: 146 ]
يقول : وتواضع في مشيك إذا مشيت ، ولا تستكبر ، ولا تستعجل ، ولكن اتئد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، غير أن منهم من قال : أمره بالتواضع في مشيه ، ومنهم من قال : أمره بترك السرعة فيه .
ذكر من قال : أمره بالتواضع في مشيه :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : ثنا
أبو حمزة ، عن
جابر ، عن
مجاهد (
واقصد في مشيك ) قال : التواضع .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
واقصد في مشيك ) قال : نهاه عن الخيلاء .
ذكر من قال نهاه عن السرعة :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
ابن المبارك ، عن
عبد الله بن عقبة ، عن
يزيد بن أبي حبيب ، في قوله : (
واقصد في مشيك ) قال : من السرعة . قوله : (
واغضض من صوتك ) يقول : واخفض من صوتك ، فاجعله قصدا إذا تكلمت .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
واغضض من صوتك ) قال : أمره بالاقتصاد في صوته .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
واغضض من صوتك ) قال : اخفض من صوتك .
واختلف أهل التأويل قوله : (
إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) فقال بعضهم : معناه : إن أقبح الأصوات .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار وابن المثنى قالا : ثنا
ابن أبي عدي ، عن
شعبة nindex.php?page=showalam&ids=11793وأبان بن تغلب قالا : ثنا
أبو معاوية عن
جويبر ، عن
الضحاك (
إن أنكر الأصوات ) قال : إن أقبح الأصوات (
لصوت الحمير ) .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) أي : أقبح الأصوات لصوت الحمير ، أوله زفير ، وآخره شهيق ، أمره بالاقتصاد في صوته .
[ ص: 147 ]
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
مؤمل قال : ثنا
سفيان قال : سمعت
الأعمش يقول : (
إن أنكر الأصوات ) صوت الحمير .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إن أشر الأصوات .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، عن
أبي حمزة ، عن
جابر عن
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة (
إن أنكر الأصوات ) قال : أشر الأصوات .
قال
جابر : وقال
الحسن بن مسلم : أشد الأصوات .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) قال : لو كان رفع الصوت هو خيرا ما جعله للحمير .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : إن أقبح أو أشر الأصوات ، وذلك نظير قولهم : إذا رأوا وجها قبيحا ، أو منظرا شنيعا ، ما أنكر وجه فلان ، وما أنكر منظره .
وأما قوله : (
لصوت الحمير ) فأضيف الصوت ، وهو واحد ، إلى الحمير وهي جماعة ، فإن ذلك لوجهين : إن شئت قلت : الصوت بمعنى الجمع ، كما قيل : (
لذهب بسمعهم ) وإن شئت قلت : معنى الحمير : معنى الواحد ، لأن الواحد في مثل هذا الموضع يؤدي عما يؤدي عنه الجمع .