[ ص: 167 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ( 5 ) )
يقول - تعالى ذكره - : الله هو الذي يدبر الأمر من أمر خلقه من السماء إلى الأرض ، ثم يعرج إليه .
واختلف أهل التأويل في المعني بقوله : (
ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) فقال بعضهم : معناه : أن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض ، ويصعد من الأرض إلى السماء في يوم واحد ، وقدر ذلك ألف سنة مما تعدون من أيام الدنيا ؛ لأن ما بين الأرض إلى السماء خمسمائة عام ، وما بين السماء إلى الأرض مثل ذلك ، فذلك ألف سنة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام ، عن
عمرو بن معروف ، عن
ليث ، عن
مجاهد (
في يوم كان مقداره ألف سنة ) يعني بذلك نزول الأمر من السماء إلى الأرض ، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد وذلك مقداره ألف سنة ؛ لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم ) من أيامكم (
كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) يقول : مقدار مسيره في ذلك اليوم ألف سنة مما تعدون من أيامكم من أيام الدنيا خمسمائة سنة نزوله ، وخمسمائة صعوده فذلك ألف سنة .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا
أبو معاوية ، عن
جويبر ، عن
الضحاك (
ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) قال : تعرج الملائكة إلى السماء ، ثم تنزل في يوم من أيامكم هذه ، وهو مسيرة ألف سنة .
قال : ثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
سماك ، عن
عكرمة (
ألف سنة مما تعدون ) قال : من أيام الدنيا .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري قال : ثنا
أبو الأحوص ، عن
أبي الحارث ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس في قوله : (
يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم ) من أيامكم هذه ، مسيرة ما بين السماء إلى الأرض خمسمائة عام .
[ ص: 168 ]
وذكر عن
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة قال : تنحدر الأمور وتصعد من السماء إلى الأرض في يوم واحد ، مقداره ألف سنة ، خمسمائة حتى ينزل ، وخمسمائة حتى يعرج .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ، ثم يعرج إليه في يوم من الأيام الستة التي خلق الله فيهن الخلق ، كان مقدار ذلك اليوم ألف سنة مما تعدون من أيامكم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس (
ألف سنة مما تعدون ) قال : ذلك مقدار المسير قوله : (
كألف سنة مما تعدون ) قال : خلق السموات والأرض في ستة أيام ، وكل يوم من هذه كألف سنة مما تعدون أنتم .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا أبي ، عن
إسرائيل ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس (
في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) قال : الستة الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) يعني : هذا اليوم من الأيام الستة التي خلق الله فيهن السموات والأرض وما بينهما .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض بالملائكة ، تم تعرج إليه الملائكة ، في يوم كان مقداره ألف سنة من أيام الدنيا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة ) قال : هذا في الدنيا تعرج الملائكة إليه في يوم كان مقداره ألف سنة .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا
غندر ، عن
شعبة ، عن
سماك ، عن
عكرمة (
في يوم كان مقداره ألف سنة ) قال : ما بين السماء والأرض مسيرة ألف سنة مما تعدون
[ ص: 169 ] من أيام الآخرة .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة ، عن
سماك ، عن
عكرمة أنه قال في هذه الآية : (
يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) قال : ما بين السماء والأرض مسيرة ألف سنة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض في يوم كان مقدار ذلك التدبير ألف سنة مما تعدون من أيام الدنيا ، ثم يعرج إليه ذلك التدبير الذي دبره .
ذكر من قال ذلك :
ذكر عن
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، أنه قال : يقضى أمر كل شيء ألف سنة إلى الملائكة ثم كذلك حتى تمضي ألف سنة ، ثم يقضى أمر كل شيء ألفا ، ثم كذلك أبدا ، قال : (
يوم كان مقداره ) قال : اليوم أن يقال لما يقضى إلى الملائكة ألف سنة : كن فيكون ، ولكن سماه يوما ، سماه كما بينا كل ذلك عن
مجاهد قال : وقوله : (
وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) قال : هو هو سواء .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ، ثم يعرج إلى الله في يوم كان مقداره ألف سنة ، مقدار العروج ألف سنة مما تعدون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) قال بعض أهل العلم : مقدار ما بين الأرض حين يعرج إليه إلى أن يبلغ عروجه ألف سنة ، هذا مقدار ذلك المعراج في ذلك اليوم حين يعرج فيه .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : معناه : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار ذلك اليوم في عروج ذلك الأمر إليه ، ونزوله إلى الأرض ألف سنة مما تعدون من أيامكم ، خمسمائة في النزول ، وخمسمائة في الصعود ؛ لأن ذلك أظهر معانيه ، وأشبهها بظاهر التنزيل .