القول في تأويل قوله تعالى : ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ( 30 ) )
[ ص: 255 ]
يقول - تعالى ذكره - لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - : (
يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة ) يقول : من يزن منكن الزنا المعروف الذي أوجب الله عليه الحد ، (
يضاعف لها العذاب ) على فجورها في الآخرة ( ضعفين ) على فجور أزواج الناس غيرهم .
كما حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
يضاعف لها العذاب ضعفين ) قال : يعني عذاب الآخرة .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار (
يضاعف لها العذاب ) بالألف ، غير
أبي عمرو ، فإنه قرأ ذلك ( يضعف ) بتشديد العين تأولا منه في قراءته ذلك أن يضعف ، بمعنى : تضعيف الشيء مرة واحدة ، وذلك أن يجعل الشيء شيئين ، فكأن معنى الكلام عنده : أن يجعل عذاب من يأتي من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بفاحشة مبينة في الدنيا والآخرة ، مثلي عذاب سائر النساء غيرهن ، ويقول : إن ( يضاعف ) بمعنى أن يجعل إلى الشيء مثلاه ، حتى يكون ثلاثة أمثاله فكأن معنى من قرأ ( يضاعف ) عنده كان أن عذابها ثلاثة أمثال عذاب غيرها من النساء من غير أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلذلك اختار ( يضعف ) على ( يضاعف ) ، وأنكر الآخرون الذين قرءوا ذلك ( يضاعف ) ما كان يقول ذلك ، ويقولون : لا نعلم بين : ( يضاعف ) و ( يضعف ) فرقا .
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قراء الأمصار ، وذلك ( يضاعف ) . وأما التأويل الذي ذهب إليه
أبو عمرو ، فتأويل لا نعلم أحدا من أهل العلم ادعاه غيره ، وغير
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة معمر بن المثنى ، ولا يجوز خلاف ما جاءت به الحجة مجمعة عليه بتأويل لا برهان له من الوجه الذي يجب التسليم له .
وقوله : (
وكان ذلك على الله يسيرا ) يقول - تعالى ذكره - : وكانت مضاعفة العذاب على من فعل ذلك منهن (
على الله يسيرا ) والله أعلم .