[ ص: 21 ] القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
قال
أبو جعفر :
قد دللنا على صحة القول بما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه ، على أن الله جل ثناؤه أنزل جميع القرآن بلسان
العرب دون غيرها من ألسن سائر أجناس الأمم ، وعلى فساد قول من زعم أن منه ما ليس بلسان
العرب ولغاتها .
فنقول الآن - إذ كان ذلك صحيحا - في الدلالة عليه بأي ألسن
العرب أنزل : أبألسن جميعها أم بألسن بعضها ؟ إذ كانت
العرب ، وإن جمع جميعها اسم أنهم عرب ، فهم مختلفو الألسن بالبيان ، متباينو المنطق والكلام . وإذ كان ذلك كذلك - وكان الله جل ذكره قد أخبر عباده أنه قد جعل القرآن عربيا وأنه أنزل بلسان عربي مبين ، ثم كان ظاهره محتملا خصوصا وعموما - لم يكن لنا السبيل إلى العلم بما عنى الله تعالى ذكره من خصوصه وعمومه ، إلا ببيان من جعل إليه بيان القرآن ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإذ كان ذلك كذلك - وكانت الأخبار قد تظاهرت عنه صلى الله عليه وسلم
7 - بما حدثنا به
خلاد بن أسلم ، قال : حدثنا
أنس بن عياض ، عن
أبي حازم ، عن
أبي سلمة ، قال - : لا أعلمه إلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - : أن رسول الله
[ ص: 22 ] صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811884أنزل القرآن على سبعة أحرف ، فالمراء في القرآن كفر - ثلاث مرات - فما عرفتم منه فاعملوا به ، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه .
8 - حدثني عبيد بن أسباط بن محمد ، قال : حدثنا أبي ، عن
محمد بن عمرو ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811884أنزل القرآن على سبعة أحرف : عليم حكيم ، غفور رحيم .
9 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان ، عن
محمد بن عمرو ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
10 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد الرازي ، قال : حدثنا
جرير بن عبد الحميد ، عن
مغيرة ، عن
واصل بن حيان ، عمن ذكره ، عن
أبي الأحوص ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811884أنزل القرآن على سبعة أحرف ، لكل حرف منها ظهر وبطن ، ولكل حرف حد ، ولكل حد مطلع . [ ص: 23 ]
11 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
مهران ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
إبراهيم الهجري ، عن
أبي الأحوص ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
12 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12137أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا
أبو بكر بن عياش ، قال : حدثنا
عاصم ، عن
زر ، عن
عبد الله ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811885اختلف رجلان في سورة ، فقال هذا : أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم . وقال هذا : أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بذلك ، قال فتغير وجهه ، وعنده رجل فقال : اقرءوا كما علمتم - فلا أدري أبشيء أمر أم شيء ابتدعه من قبل نفسه - فإنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم على أنبيائهم . قال : فقام كل رجل منا وهو لا يقرأ على قراءة صاحبه . نحو هذا ومعناه
13 - حدثنا
سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا
الأعمش - وحدثني
أحمد بن منيع ، قال : حدثنا
يحيى بن سعيد الأموي ، عن
الأعمش - عن
عاصم ، عن
زر بن حبيش ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501539تمارينا في سورة من القرآن ، فقلنا : خمس وثلاثون أو ست وثلاثون آية . قال : فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا عليا يناجيه ، [ ص: 24 ] قال : فقلنا : إنا اختلفنا في القراءة . قال : فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم بينهم . قال : ثم أسر إلى علي شيئا ، فقال لنا علي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرءوا كما علمتم .
14 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن
عيسى بن قرطاس ، عن
زيد القصار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811886كنا معه في المسجد فحدثنا ساعة ثم قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقرأني nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود سورة ، أقرأنيها زيد وأقرأنيها أبي بن كعب ، فاختلفت قراءتهم ، فبقراءة أيهم آخذ ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وعلي إلى جنبه ، فقال علي : ليقرأ كل إنسان كما علم ، كل حسن جميل .
15 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
يونس ، عن
ابن شهاب ، قال : أخبرني
عروة بن الزبير : أن
المسور بن مخرمة nindex.php?page=showalam&ids=14937وعبد الرحمن بن عبد القاري أخبراه : أنهما
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501540سمعا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستمعت لقراءته ، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكدت أساوره في الصلاة ، فتصبرت حتى سلم ، فلما سلم [ ص: 25 ] لببته بردائه فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها ؟ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقلت : كذبت ، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها! فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها ، وأنت أقرأتني سورة الفرقان! قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسله يا عمر ، اقرأ يا هشام . فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرؤها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هكذا أنزلت . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ يا عمر . فقرأت القراءة التي أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هكذا أنزلت . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرءوا ما تيسر منها .
16 - حدثني
أحمد بن منصور ، قال : حدثنا
عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثنا
حرب بن ثابت من
بني سليم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه ، عن جده ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811887قرأ رجل عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه فغير عليه ، فقال : لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يغير علي . قال : فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ألم تقرئني آية كذا وكذا ؟ قال : بلى! قال : فوقع في صدر عمر شيء ، فعرف [ ص: 26 ] النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وجهه ، قال : فضرب صدره وقال : ابعد شيطانا - قالها ثلاثا - ثم قال : يا عمر ، إن القرآن كله صواب ، ما لم تجعل رحمة عذابا أو عذابا رحمة . [ ص: 27 ]
17 - حدثنا
عبيد الله بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا
عبد الله بن ميمون ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله - يعني ابن عمر - عن
نافع ، عن
ابن عمر ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811218سمع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يقرأ القرآن ، فسمع آية على غير ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى به عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن هذا قرأ آية كذا وكذا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، كلها شاف كاف . [ ص: 28 ]
18 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
علي بن أبي علي ، عن
زبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة النخعي ، قال :
لما خرج nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود من الكوفة اجتمع إليه أصحابه فودعهم ، ثم قال : لا تنازعوا في القرآن ، فإنه لا يختلف ولا يتلاشى ، ولا يتغير لكثرة الرد . وإن شريعة الإسلام وحدوده وفرائضه فيه واحدة ، ولو كان شيء من الحرفين ينهى عن شيء يأمر به الآخر ، كان ذلك الاختلاف . ولكنه جامع ذلك كله ، لا تختلف فيه الحدود ولا الفرائض ، ولا شيء من شرائع الإسلام . ولقد رأيتنا نتنازع فيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأمرنا فنقرأ عليه ، فيخبرنا أن كلنا محسن . ولو أعلم أحدا أعلم بما أنزل الله على رسوله مني لطلبته ، حتى أزداد علمه إلى علمي . ولقد قرأت من لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ، وقد كنت علمت أنه يعرض عليه القرآن في كل رمضان ، حتى كان عام قبض ، فعرض عليه مرتين ، فكان إذا فرغ أقرأ عليه فيخبرني أني محسن . فمن قرأ على قراءتي فلا يدعنها رغبة عنها ، ومن قرأ على شيء من هذه الحروف فلا يدعنه رغبة عنه ، فإنه من جحد بآية جحد به كله . [ ص: 29 ]
19 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
يونس - وحدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13172رشدين بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16581عقيل بن خالد - جميعا عن
ابن شهاب ، قال : حدثني
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن
ابن عباس حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811219أقرأني جبريل على حرف ، فراجعته ، فلم أزل أستزيده فيزيدني ، حتى انتهى إلى سبعة أحرف . قال
ابن شهاب : بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا ، لا يختلف في حلال ولا حرام .
[ ص: 30 ]
20 - حدثني
محمد بن عبد الله بن أبي مخلد الواسطي ، nindex.php?page=showalam&ids=17418ويونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قالا حدثنا
سفيان بن عيينة ، عن
عبيد الله ، أخبره أبوه : أن
أم أيوب أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810001أنزل القرآن على سبعة أحرف ، أيها قرأت أصبت .
21 - حدثنا
إسماعيل بن موسى السدي ، قال : أنبأنا
شريك ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد ، يرفعه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811219أتاني ملكان ، فقال أحدهما : اقرأ . قال : على كم ؟ قال : على حرف ، قال : زده . حتى انتهى به إلى سبعة أحرف [ ص: 31 ]
22 - حدثنا
ابن البرقي ، قال : حدثنا
ابن أبي مريم ، قال : حدثنا
نافع بن يزيد ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16581عقيل بن خالد ، عن
ابن شهاب ، عن
عبيد الله بن عبد الله ، عن
ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811219أقرأني جبريل القرآن على حرف ، فاستزدته فزادني ، ثم استزدته فزادني ، حتى انتهى إلى سبعة أحرف .
23 - حدثني
الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا
أسد بن موسى ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
عبيد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه ، أنه سمع
أم أيوب تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه - يعني نحو حديث
ابن أبي مخلد .
[ ص: 32 ]
24 - حدثنا
الربيع ، قال : حدثنا
أسد ، قال : حدثنا
أبو الربيع السمان ، قال : حدثني
عبيد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه ، عن
أم أيوب ، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810001نزل القرآن على سبعة أحرف ، فما قرأت أصبت .
25 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، قال : حدثنا
إسرائيل عن
أبي إسحاق ، عن
فلان العبدي - قال
أبو جعفر : ذهب عني اسمه - ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد ، nindex.php?page=hadith&LINKID=811220عن أبي بن كعب ، قال : رحت إلى المسجد ، فسمعت رجلا يقرأ ، فقلت : من أقرأك ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم . فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : استقرئ هذا . قال : فقرأ ، فقال : أحسنت . قال فقلت : إنك أقرأتني كذا وكذا! فقال : وأنت قد أحسنت . قال : فقلت : قد أحسنت! قد أحسنت! قال : فضرب بيده على صدري ، ثم قال : اللهم أذهب عن أبي الشك . قال : ففضت عرقا ، وامتلأ جوفي فرقا - ثم قال : إن الملكين أتياني ، فقال أحدهما اقرأ القرآن على حرف . وقال الآخر : زده . قال : فقلت : زدني . قال : اقرأه على حرفين . حتى بلغ سبعة أحرف ، فقال : اقرأ على سبعة أحرف . [ ص: 33 ]
26 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : حدثنا
ابن أبي عدي - وحدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
محمد بن ميمون الزعفراني - جميعا عن
حميد الطويل ، عن
أنس بن مالك رضي الله عنه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810002عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، قال : ما حاك في صدري شيء منذ أسلمت ، إلا أني قرأت آية ، فقرأها رجل غير قراءتي ، فقلت : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال الرجل : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : أقرأتني آية كذا وكذا ؟ قال : بلى . قال الرجل : ألم تقرئني آية كذا وكذا ؟ قال : بلى ، إن جبريل وميكائيل عليهما السلام أتياني ، فقعد جبريل عن يميني ، وميكائيل عن يساري ، فقال جبريل : اقرأ القرآن على حرف واحد . وقال ميكائيل : استزده ، قال جبريل : اقرأ القرآن على حرفين . فقال ميكائيل : [ ص: 34 ] استزده . حتى بلغ ستة أو سبعة - الشك من أبي كريب - وقال ابن بشار في حديثه : حتى بلغ سبعة أحرف - ولم يشك فيه - وكل شاف كاف . ولفظ الحديث
لأبي كريب .
27 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
يحيى بن أيوب ، عن
حميد الطويل ، عن
أنس بن مالك ، عن
أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقال في حديثه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810003حتى بلغ ستة أحرف ، قال : اقرأه على سبعة أحرف ، كل شاف كاف .
28 - حدثنا
محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا
أبو الوليد ، قال : حدثنا
حماد [ ص: 35 ] بن سلمة ، عن
حميد ، عن
أنس بن مالك ، عن
عبادة بن الصامت ، عن
أبي بن كعب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزل القرآن على سبعة أحرف .
29 - حدثنا
أبو كريب قال حدثنا
حسين بن علي ، وأبو أسامة ، عن
زائدة ، عن
عاصم ، عن
زر ، عن
أبي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811221لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال : إني بعثت إلى أمة أميين ، منهم الغلام والخادم والشيخ العاسي والعجوز ، فقال جبريل : فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف . ولفظ الحديث
لأبي أسامة .
[ ص: 36 ]
30 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
ابن نمير ، قال : حدثنا
إسماعيل بن أبي خالد - وحدثنا
عبد الحميد بن بيان القناد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15471محمد بن يزيد الواسطي ، عن
إسماعيل - عن
عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن جده ، عن
أبي بن كعب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810005كنت في المسجد ، فدخل رجل يصلي ، فقرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل رجل آخر ، فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه ، فدخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فقلت : يا رسول الله ، إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه . فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرآ ، فحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنهما ، فوقع في نفسي من التكذيب ، ولا إذ كنت في الجاهلية! فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غشيني ، ضرب في صدري ، ففضت عرقا ، كأنما أنظر إلى الله فرقا . فقال لي : يا أبي ، أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف ، [ ص: 37 ] فرددت عليه أن هون على أمتي ، فرد علي في الثانية أن اقرأ القرآن على حرف . فرددت عليه أن هون على أمتي ، فرد علي في الثالثة ، أن اقرأه على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها فقلت : اللهم اغفر لأمتي ، اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق كلهم حتى إبراهيم . إلا أن
ابن بيان قال في حديثه :
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : قد أصبتم وأحسنتم . وقال أيضا : فارفضضت عرقا .
31 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، وقال : قال لي :
أعيذك بالله من الشك والتكذيب . وقال أيضا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811889إن الله أمرني أقرأ القرآن على حرف ، فقلت : اللهم رب خفف عن أمتي . قال : اقرأه على حرفين . فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف ، من سبعة أبواب من الجنة ، كلها شاف كاف .
32 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن
الحكم - عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
أبي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811890دخلت المسجد فصليت ، فقرأت النحل ، [ ص: 38 ] ثم جاء رجل آخر فقرأها على غير قراءتي ، ثم جاء رجل آخر فقرأ خلاف قراءتنا ، فدخل نفسي من الشك والتكذيب أشد مما كنت في الجاهلية ، فأخذت بأيديهما فأتيت بهما النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، استقرئ هذين . فقرأ أحدهما ، فقال : أصبت . ثم استقرأ الآخر ، فقال : أصبت . فدخل قلبي أشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري ، وقال : أعاذك الله من الشك ، وأخسأ عنك الشيطان . قال إسماعيل : ففضت عرقا - ولم يقله nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى - قال : فقال : أتاني جبريل فقال : اقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : إن أمتي لا تستطيع . حتى قال سبع مرات ، فقال لي : اقرأ على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة رددتها مسألة . قال : فاحتاج إلي فيها الخلائق ، حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم . [ ص: 39 ]
33 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
الحكم ، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن
أبي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
34 - حدثني
أحمد بن محمد الطوسي ، قال : حدثنا
عبد الصمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم - هو ابن عتيبة - عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
أبي بن كعب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810007أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند أضاة بني غفار فقال : إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف ، فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ . [ ص: 40 ]
35 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : حدثنا
محمد بن جعفر ، قال : حدثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
أبي بن كعب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810008أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار ، قال : فأتاه جبريل فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف . قال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك . قال : ثم أتاه الثانية فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين . قال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك . ثم جاءه الثالثة فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف . قال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك . ثم جاءه الرابعة فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف ، فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا .
36 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : حدثنا
ابن أبي عدي ، عن
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810009أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عند أضاة بني غفار - فذكر نحوه .
37 - حدثنا
أبو كريب ، قال حدثنا
موسى بن داود ، قال : حدثنا
شعبة - وحدثنا
الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا
شبابة قال : حدثنا
شعبة - عن
الحكم ، [ ص: 41 ] عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
38 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
عبيد الله بن عمر ، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن
أبي بن كعب أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811891سمعت رجلا يقرأ في سورة النحل قراءة تخالف قراءتي ، ثم سمعت آخر يقرؤها قراءة تخالف ذلك ، فانطلقت بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إني سمعت هذين يقرآن في سورة النحل ، فسألتهما : من أقرأهما ؟ فقالا : رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : لأذهبن بكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ خالفتما ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحدهما : اقرأ . فقرأ ، فقال : أحسنت . ثم قال للآخر : اقرأ . فقرأ ، فقال : أحسنت . قال أبي : فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان ، حتى احمر وجهي ، فعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي ، فضرب بيده في صدري ، ثم قال : اللهم أخسئ الشيطان عنه! يا أبي ، أتاني آت من ربي فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عني . ثم أتاني الثانية فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عن أمتي . ثم أتاني الثالثة فقال مثل ذلك ، وقلت مثله . ثم أتاني الرابعة فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة مسألة . فقلت : يا رب اغفر لأمتي ، يا رب اغفر لأمتي . واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة . [ ص: 42 ]
39 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا
المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
عبيد الله بن عمر ، عن
سيار أبي الحكم ، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811892ذكر أن رجلين اختصما في آية من القرآن ، وكل يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه ، فتقارآ إلىأبي ، فخالفهما أبي ، فتقارءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا نبي الله ، اختلفنا في آية من القرآن ، وكلنا يزعم أنك أقرأته . فقال لأحدهما : اقرأ . قال : فقرأ ، فقال : أصبت . وقال للآخر : اقرأ . فقرأ خلاف ما قرأ صاحبه ، فقال : أصبت . وقال لأبي : اقرأ . فقرأ فخالفهما ، فقال : أصبت . قال أبي : فدخلني من الشك في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دخل في من أمر الجاهلية ، قال : فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في وجهي ، فرفع يده فضرب صدري ، وقال : استعذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال : ففضت عرقا ، وكأني أنظر إلى الله فرقا . وقال : إنه أتاني آت من ربي فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : ثم جاء فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : ثم جاء الثالثة فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : ثم جاءني الرابعة فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة مسألة . قال : قلت : رب اغفر لأمتي ، رب اغفر لأمتي ، واختبأت الثالثة شفاعة [ ص: 43 ] لأمتي ، حتى إن إبراهيم خليل الرحمن ليرغب فيها .
40 - حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ، عن
حماد بن سلمة ، عن
علي بن زيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16329عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810010قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال جبريل : اقرءوا القرآن على حرف . فقال ميكائيل : استزده . فقال : على حرفين . حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف ، فقال : كلها شاف كاف ، ما لم يختم آية عذاب برحمة ، أو آية رحمة بعذاب . كقولك : هلم وتعال .
41 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
يزيد بن خصيفة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد : أن
أبا جهيم الأنصاري أخبره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811223أن رجلين اختلفا في آية من القرآن ، فقال هذا : تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال الآخر : تلقيتها من رسول الله صلى الله [ ص: 44 ] عليه وسلم ، فسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فلا تماروا في القرآن ، فإن المراء فيه كفر .
42 - حدثنا
يونس ، قال : أخبرنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، قال : قال
[ ص: 45 ] النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810011أنزل القرآن على سبعة أحرف ، كلها شاف كاف .
43 - حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
أبي عيسى بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه ، عن جده
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810012أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف ، كل كاف شاف .
44 - حدثنا
أحمد بن حازم الغفاري ، قال : حدثنا
أبو نعيم ، قال : حدثنا
أبو خلدة ، قال : حدثني
أبو العالية ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811893قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خمس رجل ، فاختلفوا في اللغة ، فرضي قراءتهم كلهم ، فكان بنو تميم أعرب القوم .
45 - حدثنا
عمرو بن عثمان العثماني ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12427ابن أبي أويس ، قال : حدثنا أخي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
محمد بن عجلان ، عن
المقبري ، عن
أبي [ ص: 46 ] هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811894إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرءوا ولا حرج ، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ، ولا ذكر عذاب برحمة .
46 - حدثنا
محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا
أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ، قال : حدثنا
عبد الوارث قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة ، عن
مجاهد ، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن
أبي بن كعب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811224أتى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل ، وهو بأضاة بني غفار ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد . قال : فقال : أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال : ومغفرته - سل الله لهم التخفيف ، فإنهم لا يطيقون ذلك . فانطلق ثم رجع ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين . قال : أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال : معافاته ومغفرته - إنهم لا يطيقون ذلك ، فسل الله لهم التخفيف . فانطلق ثم رجع ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف . فقال : أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال : معافاته ومغفرته - إنهم لا يطيقون ذلك ، سل الله لهم التخفيف . فانطلق ثم رجع ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف ، فمن قرأ منها بحرف فهو كما قرأ .
قال
أبو جعفر صح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن
العرب [ ص: 47 ] البعض منها دون الجميع ، إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبعة ، بما يعجز عن إحصائه .
فإن قال : وما برهانك على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810013 "نزل القرآن على سبعة أحرف " ، وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811225 "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف " ، هو ما ادعيت - من أنه نزل بسبع لغات ، وأمر بقراءته على سبعة ألسن - دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك ، من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل ونحو ذلك من الأقوال ؟ فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة .
قيل له : إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أن تأويل الأخبار التي تقدم ذكرناها ، هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره ، فيكون ذلك لقولنا مخالفا ، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف ، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه . والذي قالوه من ذلك كما قالوا .
وقد روينا - بمثل الذي قالوا من ذلك - عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن جماعة من أصحابه ، أخبارا قد تقدم ذكرنا بعضها ، ونستقصي ذكر باقيها ببيانه ، إذا انتهينا إليه ، إن شاء الله .
فأما الذي تقدم ذكرناه من ذلك ، فخبر
أبي بن كعب ، من رواية
أبي كريب ، عن
ابن فضيل ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، الذي ذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811225 "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف ، من سبعة أبواب من الجنة " .
والسبعة الأحرف : هو ما قلنا من أنه الألسن السبعة . والأبواب السبعة من الجنة : هي المعاني التي فيها ، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل ، التي إذا عمل بها العامل ، وانتهى إلى حدودها المنتهي ، استوجب به الجنة . وليس والحمد لله في قول من قال ذلك من المتقدمين ، خلاف لشيء مما قلناه .
[ ص: 48 ]
والدلالة على صحة ما قلناه - من أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=810013 "نزل القرآن على سبعة أحرف " ، إنما هو أنه نزل بسبع لغات ، كما تقدم ذكرناه من الروايات الثابتة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، وسائر من قدمنا الرواية عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب - أنهم تماروا في القرآن ، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة ، دون ما في ذلك من المعاني ، وأنهم احتكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأ كل رجل منهم ، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها ، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم ، فقال صلى الله عليه وسلم للذي ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811226 "إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف " .
ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك ، لو كان تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك ، لكان مستحيلا أن يصوب جميعهم ، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه . لأن ذلك لو جاز أن يكون صحيحا ، وجب أن يكون الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء بعينه وفرضه ، في تلاوة من دلت تلاوته على فرضه - ونهى عن فعل ذلك الشيء بعينه وزجر عنه ، في تلاوة الذي دلت تلاوته على النهي والزجر عنه ، وأباح وأطلق فعل ذلك الشيء بعينه ، وجعل لمن شاء من عباده أن يفعله فعله ، ولمن شاء منهم أن يتركه تركه في تلاوة من دلت تلاوته على التخيير!
وذلك من قائله إن قاله ، إثبات ما قد نفى الله جل ثناؤه عن تنزيله وحكم كتابه فقال : (
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) [ سورة النساء : 82 ] .
[ ص: 49 ]
وفي نفي الله جل ثناؤه ذلك عن حكم كتابه ، أوضح الدليل على أنه لم ينزل كتابه على لسان
محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق في جميع خلقه ، لا بأحكام فيهم مختلفة .
وفي صحة كون ذلك كذلك ، ما يبطل دعوى من ادعى خلاف قولنا في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004 " أنزل القرآن على سبعة أحرف " للذين تخاصموا إليه عند اختلافهم في قراءتهم . لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمر جميعهم بالثبوت على قراءته ، ورضي قراءة كل قارئ منهم - على خلافها قراءة خصومه ومنازعيه فيها - وصوبها . ولو كان ذلك منه تصويبا فيما اختلفت فيه المعاني ، وكان قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004 " أنزل القرآن على سبعة أحرف " إعلاما منه لهم أنه نزل بسبعة أوجه مختلفة ، وسبعة معان مفترقة - كان ذلك إثباتا لما قد نفى الله عن كتابه من الاختلاف ، ونفيا لما قد أوجب له من الائتلاف . مع أن في قيام الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض في شيء واحد في وقت واحد بحكمين مختلفين ، ولا أذن بذلك لأمته - ما يغني عن الإكثار في الدلالة على أن ذلك منفي عن كتاب الله .
وفي انتفاء ذلك عن كتاب الله ، وجوب صحة القول الذي قلناه ، في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004 " أنزل القرآن على سبعة أحرف " ، عند اختصام المختصمين إليه فيما اختلفوا فيه من تلاوة ما تلوه من القرآن ، وفساد تأويل قول من خالف قولنا في ذلك .
وأحرى أن الذين تماروا فيما تماروا فيه من قراءتهم فاحتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يكن منكرا عند أحد منهم أن يأمر الله عباده جل ثناؤه في كتابه وتنزيله بما شاء ، وينهى عما شاء ، ويعد فيما أحب من طاعاته ، ويوعد على معاصيه ، ويحتم لنبيه ويعظه فيه ويضرب فيه لعباده الأمثال - فيخاصم
[ ص: 50 ] غيره على إنكاره سماع ذلك من قارئه . بل على الإقرار بذلك كله كان إسلام من أسلم منهم . فما الوجه الذي أوجب له إنكار ما أنكر ، إن لم يكن كان ذلك اختلافا منهم في الألفاظ واللغات ؟
وبعد ، فقد أبان صحة ما قلنا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا . وذلك الخبر الذي ذكرنا :
47 - أن
أبا كريب حدثنا قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ، عن
حماد بن سلمة ، عن
علي بن زيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16329عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810014قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال جبريل : اقرأ القرآن على حرف . قال ميكائيل عليه السلام : استزده . فقال : على حرفين . حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف ، فقال : كلها شاف كاف ، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة ، أو آية رحمة بآية عذاب ، كقولك : هلم وتعال .
فقد أوضح نص هذا الخبر أن اختلاف الأحرف السبعة ، إنما هو اختلاف ألفاظ ، كقولك "هلم وتعال " باتفاق المعاني ، لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام .
وبمثل الذي قلنا في ذلك صحت الأخبار عن جماعة من السلف والخلف .
48 - حدثني
أبو السائب سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا
أبو معاوية - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال حدثنا
ابن أبي عدي عن
شعبة - جميعا عن
الأعمش ، عن
شقيق ، قال : قال
عبد الله : إني قد سمعت إلى القرأة ، فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم ، وإياكم والتنطع ، فإنما هو كقول أحدكم : هلم وتعال .
[ ص: 51 ]
49 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : حدثنا
أبو داود ، قال : حدثنا
شعبة ، عن
أبي إسحاق ، عمن سمع
ابن مسعود يقول : من قرأ منكم على حرف فلا يتحولن ، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله لأتيته .
50 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا
شعبة ، عن
عبد الرحمن بن عابس ، عن رجل من أصحاب عبد الله ، عن
[ ص: 52 ] nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : من قرأ على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره .
فمعلوم أن
عبد الله لم يعن بقوله هذا : من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من الوعد والوعيد ، ومن قرأ ما فيه من الوعد والوعيد فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من القصص والمثل . وإنما عنى رحمة الله عليه أن من قرأ بحرفه - وحرفه : قراءته ، وكذلك تقول
العرب لقراءة رجل : حرف فلان ، وتقول للحرف من حروف الهجاء المقطعة : حرف ، كما تقول لقصيدة من قصائد الشاعر : كلمة فلان - فلا يتحولن عنه إلى غيره رغبة عنه . ومن قرأ بحرف
أبي ، أو بحرف
زيد ، أو بحرف بعض من قرأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الأحرف السبعة - فلا يتحولن عنه إلى غيره رغبة عنه ، فإن الكفر ببعضه كفر بجميعه ، والكفر بحرف من ذلك كفر بجميعه يعني بالحرف ما وصفنا من قراءة بعض من قرأ ببعض الأحرف السبعة .
51 - وقد حدثنا
يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
الأعمش ، قال : قرأ
أنس هذه الآية : ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا ) فقال له بعض القوم : يا
أبا حمزة ، إنما هي "وأقوم " فقال : أقوم وأصوب وأهيأ ، واحد .
[ ص: 53 ]
52 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد الرازي ، قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
ليث ، عن
مجاهد : أنه كان يقرأ القرآن على خمسة أحرف .
53 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
سالم : أن
سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن على حرفين .
54 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
جرير ، عن
مغيرة ، قال : كان
يزيد بن الوليد يقرأ القرآن على ثلاثة أحرف .
أفترى الزاعم أن تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004 "أنزل القرآن على سبعة أحرف " ، إنما هو أنه أنزل على الأوجه السبعة التي ذكرنا ، من الأمر والنهي والوعد والوعيد والجدل والقصص والمثل - كان يرى أن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير لم يقرآ من القرآن إلا ما كان من وجهيه أو وجوهه الخمسة دون سائر معانيه ؟ لئن كان ظن ذلك بهما ، لقد ظن بهما غير الذي يعرفان به من منازلهما من القرآن ، ومعرفتهما بآي الفرقان!
55 - وحدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال حدثنا
أيوب ، عن
محمد ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811227نبئت أن جبرائيل وميكائيل أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له جبرائيل : اقرأ القرآن على حرفين . فقال له ميكائيل : استزده . فقال : اقرأ القرآن على ثلاثة أحرف . فقال له ميكائيل : استزده . قال : حتى بلغ سبعة أحرف ، قال
محمد : لا تختلف في حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي ،
[ ص: 54 ] هو كقولك : تعال وهلم وأقبل ، قال : وفي قراءتنا (
إن كانت إلا صيحة واحدة ) [ سورة يس : 29 ، 53 ] ، في قراءة
ابن مسعود ( إن كانت إلا زقية واحدة ) .
56 - وحدثني
يعقوب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : حدثنا
شعيب - يعني ابن الحبحاب -
nindex.php?page=hadith&LINKID=811228قال : كان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل : "ليس كما يقرأ " وإنما يقول : أما أنا فأقرأ كذا وكذا . قال : فذكرت ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12354لإبراهيم النخعي ، فقال : أرى صاحبك قد سمع : "أن من كفر بحرف منه فقد كفر به كله " .
57 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا
ابن وهب ، قال : حدثنا
يونس ، عن
ابن شهاب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : أن الذي ذكر الله تعالى ذكره [ أنه قال ] ( إنما يعلمه بشر ) [ سورة النحل : 103 ] إنما افتتن أنه كان يكتب الوحي ، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : سميع عليم ، أو عزيز حكيم ، أو غير ذلك من خواتم الآي ، ثم يشتغل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الوحي ، فيستفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : أعزيز حكيم ، أو سميع عليم أو عزيز عليم ؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي ذلك كتبت فهو كذلك . ففتنه ذلك ، فقال : إن محمدا وكل ذلك إلي ، فأكتب ما شئت . وهو الذي ذكر لي
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب من الحروف السبعة .
[ ص: 55 ]
58 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
جرير ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، عن
عبد الله ، قال : من كفر بحرف من القرآن ، أو بآية منه ، فقد كفر به كله .
قال
أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإذ كان تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004 "أنزل القرآن على سبعة أحرف " عندك ، ما وصفت ، بما عليه استشهدت ، فأوجدنا حرفا في كتاب الله مقروءا بسبع لغات ، فنحقق بذلك قولك . وإلا فإن لم تجد ذلك كذلك : كان معلوما بعدمكه - صحة قول من زعم أن تأويل ذلك : أنه نزل بسبعة معان ، وهو الأمر والنهي والوعد والوعيد والجدل والقصص والمثل - وفساد قولك . أو تقول في ذلك : إن الأحرف السبعة لغات في القرآن سبع ، متفرقة في جميعه ، من لغات أحياء من قبائل
العرب مختلفة الألسن - كما كان يقوله بعض من لم ينعم النظر في ذلك . فتصير بذلك إلى القول بما لا يجهل فساده ذو عقل ، ولا يلتبس خطؤه على ذي لب .
وذلك أن الأخبار التي بها احتججت لتصحيح مقالتك في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810013 "نزل القرآن على سبعة أحرف " ، هي الأخبار التي رويتها عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، رحمة الله عليهم ، وعمن رويت ذلك عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأنهم تماروا في تلاوة
[ ص: 56 ] بعض القرآن ، فاختلفوا في قراءته دون تأويله ، وأنكر بعض قراءة بعض ، مع دعوى كل قارئ منهم قراءة منها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه ما قرأ بالصفة التي قرأ . ثم احتكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، أن صوب قراءة كل قارئ منهم ، على خلافها قراءة أصحابه الذين نازعوه فيها ، وأمر كل امرئ منهم أن يقرأ كما علم ، حتى خالط قلب بعضهم الشك في الإسلام ، لما رأى من تصويب رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة كل قارئ منهم على اختلافها . ثم جلاه الله عنه ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810015أن القرآن أنزل على سبعة أحرف .
فإن كانت
الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، عندك - كما قال هذا القائل - متفرقة في القرآن ، مثبتة اليوم في مصاحف أهل الإسلام ، فقد بطلت معاني الأخبار التي رويتها عمن رويتها عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهم اختلفوا في قراءة سورة من القرآن ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر كلا أن يقرأ كما علم . لأن الأحرف السبعة إذا كانت لغات متفرقة في جميع القرآن ، فغير موجب حرف من ذلك اختلافا بين تاليه لأن كل تال فإنما يتلو ذلك الحرف تلاوة واحدة على ما هو به في المصحف ، وعلى ما أنزل .
وإذ كان ذلك كذلك ، بطل وجه اختلاف الذين روي عنهم أنهم اختلفوا في قراءة سورة ، وفسد معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل قارئ منهم أن يقرأه على ما علم . إذ كان لا معنى هنالك يوجب اختلافا في لفظ ، ولا افتراقا في معنى . وكيف يجوز أن يكون هنالك اختلاف بين القوم ، والمعلم واحد ، والعلم واحد غير ذي أوجه ؟ وفي صحة الخبر عن الذين روي عنهم الاختلاف في حروف القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأنهم اختلفوا وتحاكموا إلى
[ ص: 57 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، على ما تقدم وصفناه - أبين الدلالة على فساد القول بأن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن ، لا أنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني .
مع أن المتدبر إذا تدبر قول هذا القائل - في تأويله قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004أنزل القرآن على سبعة أحرف " ، وادعائه أن معنى ذلك أنها سبع لغات متفرقة في جميع القرآن ، ثم جمع بين قيله ذلك ، واعتلاله لقيله ذلك بالأخبار التي رويت عمن روى ذلك عنه من الصحابة والتابعين أنه قال : هو بمنزلة قولك تعال وهلم وأقبل; وأن بعضهم قال : هو بمنزلة قراءة
عبد الله "إلا زقية " ، وهي في قراءتنا "إلا صيحة " وما أشبه ذلك من حججه - علم أن حججه مفسدة في ذلك مقالته ، وأن مقالته فيه مضادة حججه .
لأن الذي نزل به القرآن عنده إحدى القراءتين - : إما "صيحة " ، وإما "زقية " وإما "تعال " أو "أقبل " أو "هلم " - لا جميع ذلك . لأن كل لغة من اللغات السبع عنده في كلمة أو حرف من القرآن ، غير الكلمة أو الحرف الذي فيه اللغة الأخرى .
وإذ كان ذلك كذلك ، بطل اعتلاله لقوله بقول من قال : ذلك بمنزلة "هلم " و "تعال " و " أقبل " ، لأن هذه الكلمات هي ألفاظ مختلفة ، يجمعها في التأويل معنى واحد . وقد أبطل قائل هذا القول الذي حكينا قوله ،
اجتماع اللغات السبع في حرف واحد من القرآن . فقد تبين بذلك إفساد حجته لقوله بقوله ، وإفساد قوله لحجته .
قيل له : ليس القول في ذلك بواحد من الوجهين اللذين وصفت . بل الأحرف السبعة التي أنزل الله بها القرآن ، هن لغات سبع ، في حرف واحد ، وكلمة واحدة ،
[ ص: 58 ] باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ، كقول القائل : هلم ، وأقبل ، وتعال ، وإلي ، وقصدي ، ونحوي ، وقربي ، ونحو ذلك ، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني ، وإن اختلفت بالبيان به الألسن ، كالذي روينا آنفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمن روينا ذلك عنه من الصحابة ، أن ذلك بمنزلة قولك : "هلم وتعال وأقبل " ، وقوله "ما ينظرون إلا زقية " ، و "إلا صيحة " .
فإن قال : ففي أي كتاب الله نجد حرفا واحدا مقروءا بلغات سبع مختلفات الألفاظ ، متفقات المعنى ، فنسلم لك صحة ما ادعيت من التأويل في ذلك ؟
قيل : إنا لم ندع أن ذلك موجود اليوم ، وإنما أخبرنا أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810004أنزل القرآن على سبعة أحرف " ، على نحو ما جاءت به الأخبار التي تقدم ذكرناها . وهو ما وصفنا ، دون ما ادعاه مخالفونا في ذلك ، للعلل التي قد بينا .
فإن قال : فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة ، إن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، وقد أقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وأمر بالقراءة بهن ، وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم ؟ أنسخت فرفعت ، فما الدلالة على نسخها ورفعها ؟ أم نسيتهن الأمة ، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه ؟ أم ما القصة في ذلك ؟
قيل له : لم تنسخ فترفع ، ولا ضيعتها الأمة وهي مأمورة بحفظها . ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن ، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت . كما أمرت ، إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة ، أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت : إما بعتق ، أو إطعام ، أو كسوة . فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث ، دون حظرها التكفير بأي الثلاث شاء المكفر ، كانت مصيبة حكم الله ، مؤدية في ذلك الواجب عليها من حق الله . فكذلك الأمة ، أمرت
بحفظ القرآن وقراءته ، وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت : فرأت
[ ص: 59 ] - لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد - قراءته بحرف واحد ، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية ، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه ، بما أذن له في قراءته به .
فإن قال : وما العلة التي أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية ؟
59 - قيل : حدثنا
أحمد بن عبدة الضبي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن
عمارة بن غزية ، عن
ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه
زيد ، قال : لما قتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
باليمامة ، دخل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب على
أبي بكر رحمه الله فقال : إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
باليمامة تهافتوا تهافت الفراش في النار ، وإني أخشى أن لا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا - وهم حملة القرآن - فيضيع القرآن وينسى .
فلو جمعته وكتبته ! فنفر منها
أبو بكر وقال : أفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم! فتراجعا في ذلك . ثم أرسل
أبو بكر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، قال
زيد : فدخلت عليه
وعمر محزئل فقال
أبو بكر : إن هذا قد دعاني إلى أمر فأبيت عليه ، وأنت كاتب الوحي . فإن تكن معه اتبعتكما ، وإن توافقني لا أفعل . قال : فاقتص
أبو بكر قول
عمر ، وعمر ساكت ، فنفرت من ذلك وقلت : نفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم! إلى أن قال
عمر كلمة : "وما عليكما لو فعلتما ذلك ؟ " قال : فذهبنا ننظر ، فقلنا : لا شيء والله! ما علينا في ذلك شيء! قال
زيد : فأمرني
أبو بكر فكتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب .
[ ص: 60 ]
فلما هلك
أبو بكر وكان
عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة ، فكانت عنده . فلما هلك ، كانت الصحيفة عند
حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم . ثم إن
حذيفة بن اليمان قدم من غزوة كان غزاها بمرج أرمينية فلم يدخل بيته حتى أتى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فقال : "يا أمير المؤمنين : أدرك الناس! فقال
عثمان : "وما ذاك ؟ " قال غزوت مرج أرمينية ، فحضرها
أهل العراق وأهل الشام ، فإذا
أهل الشام يقرءون بقراءة
أبي بن كعب ، فيأتون بما لم يسمع
أهل العراق ، فتكفرهم
أهل العراق . وإذا
أهل العراق يقرءون بقراءة
ابن مسعود ، فيأتون بما لم يسمع به
أهل الشام ، فتكفرهم
أهل الشام . قال
زيد : فأمرني
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان أكتب له مصحفا ، وقال : إني مدخل معك رجلا لبيبا فصيحا ، فما اجتمعتما عليه فاكتباه ، وما اختلفتما فيه فارفعاه إلي . فجعل معه
nindex.php?page=showalam&ids=11786أبان بن سعيد بن العاص ، قال : فلما بلغنا (
إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت ) [ سورة البقرة : 248 ] قال :
زيد فقلت : "التابوه " وقال
أبان بن سعيد : "التابوت " ، فرفعنا ذلك إلى
عثمان فكتب : "التابوت " قال : فلما فرغت عرضته عرضة ، فلم أجد فيه هذه الآية : (
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) [ سورة الأحزاب : 23 ] قال : فاستعرضت
المهاجرين أسألهم عنها ، فلم أجدها عند أحد منهم ، ثم استعرضت
الأنصار أسألهم عنها ، فلم أجدها عند أحد منهم ، ، حتى وجدتها عند
خزيمة بن ثابت ، فكتبتها ، ثم عرضته عرضة أخرى ، فلم أجد فيه هاتين الآيتين :
[ ص: 61 ] (
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) [ سورة التوبة : 128 ، 129 ] فاستعرضت
المهاجرين ، فلم أجدها عند أحد منهم ، ثم استعرضت
الأنصار أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم ، حتى وجدتها مع رجل آخر يدعى
خزيمة أيضا ، فأثبتها في آخر "براءة " ، ولو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة . ثم عرضته عرضة أخرى ، فلم أجد فيه شيئا ، ثم أرسل
عثمان إلى
حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة ، وحلف لها ليردنها إليها فأعطته إياها ، فعرض المصحف عليها ، فلم يختلفا في شيء . فردها إليها ، وطابت نفسه ، وأمر الناس أن يكتبوا مصاحف . فلما ماتت
حفصة أرسل إلى
عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمة ، فأعطاهم إياها فغسلت غسلا .
60 - وحدثني أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
نعيم بن حماد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد ، عن
عمارة بن غزية ، عن
ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد ، عن أبيه
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، بنحوه سواء .
61 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : حدثنا
أيوب ، عن
أبي قلابة ، قال : لما كان في خلافة
عثمان ، جعل المعلم يعلم قراءة
[ ص: 62 ] الرجل ، والمعلم يعلم قراءة الرجل ، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون ، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين - قال
أيوب : فلا أعلمه إلا قال - : حتى كفر بعضهم بقراءة بعض . فبلغ ذلك
عثمان ، فقام خطيبا فقال : "أنتم عندي تختلفون فيه وتلحنون ، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد فيه اختلافا وأشد لحنا . اجتمعوا يا أصحاب
محمد ، فاكتبوا للناس إماما " . قال
أبو قلابة ، فحدثني
أنس بن مالك قال : كنت فيمن يملى عليهم ، قال : فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولعله أن يكون غائبا أو في بعض البوادي ، فيكتبون ما قبلها وما بعدها ، ويدعون موضعها ، حتى يجيء أو يرسل إليه . فلما فرغ من المصحف ، كتب
عثمان إلى أهل الأمصار : "إني قد صنعت كذا وكذا ، ومحوت ما عندي ، فامحوا ما عندكم " .
62 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
يونس قال : قال
ابن شهاب : أخبرني
أنس بن مالك الأنصاري : أنه اجتمع في غزوة أذربيجان وأرمينية
أهل الشام وأهل العراق ، فتذاكروا القرآن ، واختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة . فركب
حذيفة بن اليمان - لما رأى اختلافهم في القرآن - إلى
عثمان ، فقال : "إن الناس قد اختلفوا في القرآن ، حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم مثل ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف " . قال : ففزع لذلك فزعا شديدا ، فأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كان
أبو بكر أمر
زيدا بجمعها ، فنسخ منها مصاحف ، فبعث بها إلى الآفاق .
[ ص: 63 ]
63 - حدثني
سعيد بن الربيع ، قال : حدثنا
سفيان بن عيينة ، عن
الزهري ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811229قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع ، وإنما كان في الكرانيف والعسب .
64 - حدثنا
سعيد بن الربيع قال : حدثنا
سفيان ، عن
مجالد ، عن
الشعبي ، عن
صعصعة أن أبا بكر أول من ورث الكلالة وجمع المصحف .
قال
أبو جعفر : وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول باستيعاب جميعها الكتاب ، والآثار الدالة على أن إمام المسلمين وأمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان رحمة الله عليه ، جمع المسلمين - نظرا منه لهم ، وإشفاقا منه عليهم ، ورأفة منه بهم ، حذار الردة من بعضهم بعد الإسلام ، والدخول في الكفر بعد الإيمان ، إذ ظهر من بعضهم بمحضره وفي عصره التكذيب ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن ، مع سماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن التكذيب بشيء منها ، وإخباره إياهم أن المراء فيها كفر - فحملهم رحمة الله عليه ، إذ رأى ذلك ظاهرا بينهم في عصره ، ولحداثة عهدهم بنزول القرآن ، وفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بما أمن عليهم معه عظيم البلاء في الدين من تلاوة القرآن - على حرف واحد .
وجمعهم على مصحف واحد ، وحرف واحد ، وخرق ما عدا المصحف الذي
[ ص: 64 ] جمعهم عليه . وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف المصحف الذي جمعهم عليه ، أن يخرقه . فاستوسقت له الأمة على ذلك بالطاعة ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية ، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها ، طاعة منها له ، ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها ، حتى درست من الأمة معرفتها ، وتعفت آثارها ، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها ، لدثورها وعفو آثارها ، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها ، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها . فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح ، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية .
فإن قال بعض من ضعفت معرفته : وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمرهم بقراءتها ؟
قيل : إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض ، وإنما كان أمر إباحة ورخصة . لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم ، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة ، عند من تقوم بنقله الحجة ، ويقطع خبره العذر ، ويزيل الشك من قرأة الأمة . وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين ، بعد أن يكون في نقلة القرآن من الأمة من تجب بنقله الحجة ببعض تلك الأحرف السبعة .
[ ص: 65 ]
وإذ كان ذلك كذلك ، لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع ، تاركين ما كان عليهم نقله ، بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا . إذ كان الذي فعلوا من ذلك ، كان هو النظر للإسلام وأهله . فكان القيام بفعل الواجب عليهم ، بهم أولى من فعل ما لو فعلوه ، كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة ، من ذلك .
وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه ، وتسكين حرف وتحريكه ، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة ، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811225أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف " - بمعزل . لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن - مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى - يوجب المراء به كفر المماري به في قول أحد من علماء الأمة . وقد أوجب عليه الصلاة والسلام بالمراء فيه الكفر ، من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه ، وتظاهرت عنه بذلك الرواية على ما قد قدمنا ذكرها في أول هذا الباب .
فإن قال لنا قائل : فهل لك من علم بالألسن السبعة التي نزل بها القرآن ؟ وأي الألسن هي من ألسن
العرب ؟
[ ص: 66 ]
قلنا : أما الألسن الستة التي قد نزلت القراءة بها ، فلا حاجة بنا إلى معرفتها ، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها مع الأسباب التي قدمنا ذكرها . وقد قيل إن خمسة منها لعجز
هوازن ، واثنين منها
لقريش وخزاعة . روي جميع ذلك عن
ابن عباس ، وليست الرواية عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله . وذلك أن الذي روى عنه : " أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن " ،
الكلبي عن
أبي صالح ، وأن الذي روى عنه : " أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة " ،
قتادة ، وقتادة لم يلقه ولم يسمع منه .
65 - حدثني بذلك بعض أصحابنا ، قال : حدثنا
صالح بن نصر الخزاعي ، قال : حدثنا
الهيثم بن عدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
ابن عباس ، قال :
نزل القرآن بلسان قريش ولسان خزاعة ، وذلك أن الدار واحدة .
66 - وحدثني بعض أصحابنا ، قال : حدثنا
صالح بن نصر ، قال : حدثنا
شعبة ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11822أبي الأسود الدؤلي ، قال : نزل القرآن بلسان الكعبين :
nindex.php?page=showalam&ids=6كعب بن عمرو وكعب بن لؤي . فقال
خالد بن سلمة لسعد بن إبراهيم : ألا تعجب من هذا الأعمى! يزعم أن القرآن نزل بلسان الكعبين; وإنما أنزل بلسان قريش!
[ ص: 67 ]
قال
أبو جعفر : والعجز من
هوازن :
سعد بن بكر ، وجشم بن بكر ، ونصر بن معاوية ، وثقيف .
وأما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ ذكر نزول القرآن على سبعة أحرف : إن كلها شاف كاف - فإنه كما قال جل ثناؤه في صفة القرآن : (
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) [ سورة يونس : 57 ، جعله الله للمؤمنين شفاء ، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته ، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته .