القول في تأويل قوله تعالى : (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ( 36 ) )
[ ص: 271 ]
يقول - تعالى ذكره - : لم يكن لمؤمن بالله ورسوله ، ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاء أن يتخيروا من أمرهم غير الذي قضى فيهم ، ويخالفوا أمر الله وأمر رسوله وقضاءهما فيعصوهما ، ومن يعص الله ورسوله فيما أمرا أو نهيا (
فقد ضل ضلالا مبينا ) يقول : فقد جار عن قصد السبيل ، وسلك غير سبيل الهدى والرشاد .
وذكر أن هذه الآية نزلت في
زينب بنت جحش حين خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فتاه
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، فامتنعت من إنكاحه نفسها .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ) إلى آخر الآية ، وذلك
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلق يخطب على فتاه nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، فدخل على nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش الأسدية فخطبها ، فقالت : لست بناكحته ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فانكحيه ، فقالت : يا رسول الله أؤمر في نفسي ، فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسوله ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ) إلى قوله ( ضلالا مبينا ) قالت : قد رضيته لي يا رسول الله منكحا ؟ قال : " نعم " قالت : إذن لا أعصي رسول الله ، قد أنكحته نفسي .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ) قال :
زينب بنت جحش وكراهتها نكاح
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة حين أمرها به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) قال : نزلت هذه الآية في
زينب بنت جحش ، وكانت بنت عمة رسول الله [ ص: 272 ] - صلى الله عليه وسلم - ، فخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرضيت ورأت أنه يخطبها على نفسه ، فلما علمت أنه يخطبها على
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة أبت وأنكرت ، فأنزل الله (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) قال : فتابعته بعد ذلك ورضيت .
حدثني
أبو عبيد الوصافي قال : ثنا
محمد بن حمير قال : ثنا
ابن لهيعة ، عن
ابن أبي عمرة ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
زينب بنت جحش nindex.php?page=showalam&ids=138لزيد بن حارثة ، فاستنكفت منه وقالت : أنا خير منه حسبا وكانت امرأة فيها حدة ؛ فأنزل الله (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ) الآية كلها .
وقيل : نزلت في
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وذلك أنها وهبت نفسها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجها
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ) إلى آخر الآية ، قال : نزلت في
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وكانت من أول من هاجر من النساء ، فوهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فزوجها
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، فسخطت هي وأخوها ، وقالا إنما أردنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجنا عبده . قال : فنزل القرآن (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) إلى آخر الآية . قال : وجاء أمر أجمع من هذا (
النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) قال : فذاك خاص ، وهذا إجماع .