القول في تأويل قوله تعالى : (
إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ( 57 )
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ( 58 ) )
يقول - تعالى ذكره - : (
إن الذين يؤذون الله ) إن الذين يؤذون ربهم بمعصيتهم إياه ، وركوبهم ما حرم عليهم ، وقد قيل : إنه عنى بذلك أصحاب التصاوير ; وذلك أنهم يرومون تكوين خلق مثل خلق الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد القرشي قال : ثنا
يحيى بن سعيد ، عن
سلمة بن الحجاج ، عن
عكرمة قال : الذين يؤذون الله ورسوله هم أصحاب التصاوير .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة في قوله (
إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ) قال : يا سبحان الله ! ما زال أناس من جهلة بني آدم حتى تعاطوا أذى ربهم ، وأما أذاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو طعنهم عليه في نكاحه
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي فيما ذكر .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ،
[ ص: 323 ] عن أبيه ، عن
ابن عباس في قوله (
إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ) قال : نزلت في الذين طعنوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - حين اتخذ
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي بن أخطب .
وقوله ( لعنهم الله في الدنيا والآخرة ) يقول - تعالى ذكره - : أبعدهم الله من رحمته في الدنيا والآخرة وأعد لهم في الآخرة عذابا يهينهم فيه بالخلود فيه .
وقوله (
والذين يؤذون المؤمنين ) كان
مجاهد يوجه معنى قوله ( يؤذون ) إلى يقفون .
ذكر الرواية عنه :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ( والذين يؤذون ) قال : يقفون .
فمعنى الكلام على ما قال
مجاهد : والذين يقفون المؤمنين والمؤمنات . ويعيبونهم طلبا لشينهم ( بغير ما اكتسبوا ) يقول : بغير ما عملوا .
كما حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله ( بغير ما اكتسبوا ) قال : عملوا .
حدثنا
نصر بن علي قال : ثنا
عثام بن علي ، عن
الأعمش ، عن
مجاهد قال : قرأ
ابن عمر : (
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) قال : فكيف إذا أوذي بالمعروف ، فذلك يضاعف له العذاب .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
عثام بن علي ، عن
الأعمش ، عن
ثور ، عن
ابن عمر (
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ) قال : كيف بالذي يأتي إليهم المعروف .
[ ص: 324 ] حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) فإياكم وأذى المؤمن ، فإن الله يحوطه ، ويغضب له .
وقوله (
فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) يقول : فقد احتملوا زورا وكذبا وفرية شنيعة ، وبهتان : أفحش الكذب ، ( وإثما مبينا ) يقول : وإثما يبين لسامعه أنه إثم وزور .