القول في تأويل قوله تعالى : (
أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ( 9 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالمعاد الجاحدون البعث بعد الممات القائلون لرسولنا
محمد - صلى الله عليه وسلم - (
أفترى على الله كذبا أم به جنة ) إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ، فيعلموا أنهم حيث كانوا فإن أرضي وسمائي محيطة بهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ; فيرتدعوا عن جهلهم وينزجروا عن تكذيبهم بآياتنا حذرا أن نأمر الأرض فتخسف بهم ، أو السماء فتسقط عليهم قطعا ، فإنا إن نشأ نفعل ذلك بهم فعلنا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ) قال :
[ ص: 356 ] ينظرون عن أيمانهم ، وعن شمائلهم كيف السماء قد أحاطت بهم (
إن نشأ نخسف بهم الأرض ) كما خسفنا بمن كان قبلهم (
أو نسقط عليهم كسفا من السماء ) أي : قطعا من السماء .
وقوله (
إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ) يقول - تعالى ذكره - : إن في إحاطة السماء والأرض بعباد الله لآية ، يقول : لدلالة لكل عبد منيب : يقول لكل عبد أناب إلى ربه بالتوبة ، ورجع إلى معرفة توحيده ، والإقرار بربوبيته ، والاعتراف بوحدانيته ، والإذعان لطاعته على أن فاعل ذلك لا يمتنع عليه فعل شيء أراد فعله ، ولا يتعذر عليه فعل شيء شاءه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ) والمنيب : المقبل التائب .