القول في تأويل قوله تعالى : (
قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ( 22 ) )
[ ص: 394 ]
يقول - تعالى ذكره - : فهذا فعلنا بولينا ومن أطاعنا ،
داود وسليمان الذي فعلنا بهما من إنعامنا عليهما النعم التي لا كفاء لها إذ شكرانا ، وذاك فعلنا بسبإ الذين فعلنا بهم ، إذ بطروا نعمتنا وكذبوا رسلنا وكفروا أيادينا ، فقل يا
محمد لهؤلاء المشركين بربهم من قومك الجاحدين نعمنا عندهم : ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم لله شريك من دونه ، فسلوهم أن يفعلوا بكم بعض أفعالنا بالذين وصفنا أمرهم من إنعام أو إياس ، فإن لم يقدروا على ذلك فاعلموا أنكم مبطلون ; لأن الشركة في الربوبية لا تصلح ولا تجوز ، ثم وصف الذين يدعون من دون الله فقال : إنهم لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض من خير ولا شر ولا ضر ولا نفع ، فكيف يكون إلها من كان كذلك .
وقوله (
وما لهم فيهما من شرك ) يقول - تعالى ذكره - : ولا هم إذ لم يكونوا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض منفردين بملكه من دون الله يملكونه على وجه الشركة ، لأن الأملاك في المملوكات لا تكون لمالكها إلا على أحد وجهين : إما مقسوما ، وإما مشاعا ، يقول : وآلهتهم التي يدعون من دون الله لا يملكون وزن ذرة في السماوات ولا في الأرض ، لا مشاعا ولا مقسوما ، فكيف يكون من كان هكذا شريكا لمن له ملك جميع ذلك .
وقوله (
وما له منهم من ظهير ) يقول : وما لله من الآلهة التي يدعون من دونه معين على خلق شيء من ذلك ، ولا على حفظه ، إذ لم يكن لها ملك شيء منه مشاعا ولا مقسوما ، فيقال : هو لك شريك من أجل أنه أعان وإن لم يكن له ملك شيء منه .
وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك ) يقول : ما لله من شريك في السماء ولا في الأرض
[ ص: 395 ] ( وما له منهم ) من الذين يدعون من دون الله ( من ظهير ) من عون بشيء .