القول في تأويل قوله تعالى : (
إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ( 6 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ( إن الشيطان ) الذي نهيتكم أيها الناس أن تغتروا بغروره إياكم بالله (
لكم عدو فاتخذوه عدوا ) يقول : فأنزلوه من أنفسكم منزلة العدو منكم واحذروه بطاعة الله واستغشاشكم إياه حذركم من عدوكم الذي تخافون غائلته على أنفسكم ، فلا تطيعوه ولا تتبعوا خطواته ، فإنه إنما يدعو
[ ص: 440 ] حزبه ، يعني شيعته ومن أطاعه ، إلى طاعته والقبول منه ، والكفر بالله (
ليكونوا من أصحاب السعير ) يقول : ليكونوا من المخلدين في نار جهنم التي تتوقد على أهلها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) فإنه لحق على كل مسلم عداوته ، وعداوته أن يعاديه بطاعة الله (
إنما يدعو حزبه ) وحزبه : أولياؤه (
ليكونوا من أصحاب السعير ) أي : ليسوقهم إلى النار فهذه عداوته .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) وقال : هؤلاء حزبه من الإنس ، يقول : أولئك حزب الشيطان ، والحزب : ولاته الذين يتولاهم ويتولونه وقرأ (
إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ) .