القول في تأويل قوله تعالى : (
وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ( 12 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وما يعتدل البحران فيستويان ; أحدهما عذب فرات ، والفرات : هو أعذب العذب ، وهذا ملح أجاج يقول : والآخر منهما ملح أجاج وذلك هو ماء البحر الأخضر ، والأجاج : المر وهو أشد المياه ملوحة .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
وهذا ملح أجاج ) والأجاج : المر .
وقوله (
ومن كل تأكلون لحما طريا ) يقول : ومن كل البحار تأكلون لحما طريا ، وذلك السمك من عذبهما الفرات وملحهما الأجاج (
وتستخرجون حلية تلبسونها ) يعني : الدر والمرجان تستخرجونها من الملح الأجاج ، وقد بينا قبل وجه ( تستخرجون حلية ) وإنما يستخرج من الملح ، فيما مضى بما أغنى عن إعادته . (
وترى الفلك فيه مواخر ) يقول - تعالى ذكره - : وترى السفن في كل تلك البحار مواخر تمخر الماء بصدورها ، وذلك خرقها إياه إذا مرت ، واحدتها ماخرة ، يقال منه : مخرت تمخر وتمخر مخرا ، وذلك إذا شقت الماء بصدورها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
[ ص: 450 ] .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
ومن كل تأكلون لحما طريا ) أي : منهما جميعا (
وتستخرجون حلية تلبسونها ) هذا اللؤلؤ (
وترى الفلك فيه مواخر ) فيه السفن مقبلة ومدبرة بريح واحدة .
حدثنا علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
وترى الفلك فيه مواخر ) يقول : جواري .
وقوله (
لتبتغوا من فضله ) يقول : لتطلبوا بركوبكم في هذه البحار في الفلك من معايشكم ، ولتتصرفوا فيها في تجاراتكم ، وتشكروا الله على تسخيره ذلك لكم ، وما رزقكم منه من طيبات الرزق وفاخر الحلي .