القول في تأويل قوله تعالى : (
إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ( 14 ) )
قوله (
إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم )
[ ص: 453 ] يقول - تعالى ذكره - : إن تدعوا أيها الناس هؤلاء الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا يسمعوا دعاءكم ; لأنها جماد لا تفهم عنكم ما تقولون (
ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) يقول : ولو سمعوا دعاءكم إياهم ، وفهموا عنكم أنها قولكم ، بأن جعل لهم سمع يسمعون به ، ما استجابوا لكم ; لأنها ليست ناطقة ، وليس كل سامع قولا متيسرا له الجواب عنه ، يقول - تعالى ذكره - للمشركين به الآلهة والأوثان : فكيف تعبدون من دون الله من هذه صفته ، وهو لا نفع لكم عنده ، ولا قدرة له على ضركم ، وتدعون عبادة الذي بيده نفعكم وضركم ، وهو الذي خلقكم وأنعم عليكم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) أي : ما قبلوا ذلك عنكم ، ولا نفعوكم فيه .
وقوله (
ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) يقول - تعالى ذكره - للمشركين من عبدة الأوثان : ويوم القيامة تتبرأ آلهتكم التي تعبدونها من دون الله من أن تكون كانت لله شريكا في الدنيا .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) إياهم ولا يرضون ولا يقرون به .
وقوله (
ولا ينبئك مثل خبير ) يقول - تعالى ذكره - : ولا يخبرك يا
محمد عن آلهة هؤلاء المشركين وما يكون من أمرها وأمر عبدتها يوم القيامة ; من تبرئها منهم ، وكفرها بهم ، مثل ذي خبرة بأمرها وأمرهم ، وذلك الخبير هو الله الذي لا يخفى عليه شيء كان أو يكون سبحانه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
[ ص: 454 ] .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
ولا ينبئك مثل خبير ) والله هو الخبير أنه سيكون هذا منهم يوم القيامة .