القول في تأويل قوله تعالى : (
لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ( 6 )
لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون ( 7 ) )
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله (
لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم ) فقال بعضهم : معناه : لتنذر قوما بما أنذر الله من قبلهم من آبائهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة ، عن
سماك ، عن
عكرمة في هذه الآية (
لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم ) قال : قد أنذروا .
وقال آخرون : بل معنى ذلك لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم .
[ ص: 492 ] ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم ) قال بعضهم : لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم من إنذار الناس قبلهم . وقال بعضهم : لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم أي : هذه الأمة لم يأتهم نذير ، حتى جاءهم
محمد - صلى الله عليه وسلم - .
واختلف أهل العربية في معنى " ما " التي في قوله (
ما أنذر آباؤهم ) إذا وجه معنى الكلام إلى أن آباءهم قد كانوا أنذروا ، ولم يرد بها الجحد فقال بعض نحويي
البصرة : معنى ذلك : إذا أريد به غير الجحد لتنذرهم الذي أنذر آباؤهم ( فهم غافلون ) وقال : فدخول الفاء في هذا المعنى لا يجوز ، والله أعلم . قال : وهو على الجحد أحسن ، فيكون معنى الكلام : إنك لمن المرسلين إلى قوم لم ينذر آباؤهم ، لأنهم كانوا في الفترة .
وقال بعض نحويي
الكوفة : إذا لم يرد بما الجحد ، فإن معنى الكلام : لتنذرهم بما أنذر آباؤهم ، فتلقى الباء ، فتكون " ما " في موضع نصب ( فهم غافلون ) يقول : فهم غافلون عما الله فاعل بأعدائه المشركين به ، من إحلال نقمته ، وسطوته بهم .
وقوله (
لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون ) يقول - تعالى ذكره - : لقد وجب العقاب على أكثرهم ، لأن الله قد حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون بالله ، ولا يصدقون رسوله .