1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة يس
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ( 31 ) وإن كل لما جميع لدينا محضرون ( 32 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ألم ير هؤلاء المشركون بالله من قومك يا محمد كم أهلكنا قبلهم بتكذيبهم رسلنا ، وكفرهم بآياتنا من القرون الخالية ( أنهم إليهم لا يرجعون ) يقول : ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل [ ص: 513 ] .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ) قال : عاد ، وثمود ، وقرون بين ذلك كثير .

و " كم " من قوله ( كم أهلكنا ) في موضع نصب إن شئت بوقوع يروا عليها . وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : ( ألم يروا من أهلكنا ) وإن شئت بوقوع أهلكنا عليها ; وأما " أنهم " ، فإن الألف منها فتحت بوقوع يروا عليها . وذكر عن بعضهم أنه كسر الألف منها على وجه الاستئناف بها ، وترك إعمال يروا فيها .

وقوله ( وإن كل لما جميع لدينا محضرون ) يقول - تعالى ذكره - : وإن كل هذه القرون التي أهلكناها والذين لم نهلكهم وغيرهم عندنا يوم القيامة جميعهم محضرون .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإن كل لما جميع لدينا محضرون ) أي هم يوم القيامة .

واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة ، والبصرة ، وبعض الكوفيين : ( وإن كل لما ) بالتخفيف توجيها منهم إلى أن ذلك " ما " أدخلت عليها اللام التي تدخل جوابا لإن ، وأن معنى الكلام : وإن كل لجميع لدينا محضرون . وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة ( لما ) بتشديد الميم . ولتشديدهم ذلك عندنا وجهان : أحدهما : أن يكون الكلام عندهم كان مرادا به : وإن كل لمما جميع ، ثم حذفت إحدى الميمات لما كثرت ، كما قال الشاعر :

غداة طفت علماء بكر بن وائل وعجنا صدور الخيل نحو تميم

[ ص: 514 ] والآخر : أن يكونوا أرادوا أن تكون ( لما ) بمعنى إلا مع إن خاصة فتكون نظيرة إنما إذا وضعت موضع " إلا " . وقد كان بعض نحويي الكوفة يقول : كأنها " لم " ضمت إليها " ما " ، فصارتا جميعا استثناء ، وخرجتا من حد الجحد . وكان بعض أهل العربية يقول : لا أعرف وجه " لما " بالتشديد .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية