صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( ويعلمهم الكتاب والحكمة )

قال أبو جعفر : ويعني بالكتاب : القرآن .

وقد بينت فيما مضى لم سمي القرآن "كتابا" ، وما تأويله . وهو قول جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

2077 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : "ويعلمهم الكتاب" : القرآن .

ثم اختلف أهل التأويل في معنى "الحكمة" التي ذكرها الله في هذا الموضع .

فقال بعضهم : هي السنة .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 87 ]

2078 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ""والحكمة" ، أي السنة .

وقال بعضهم : "الحكمة" ، هي المعرفة بالدين والفقه فيه .

ذكر من قال ذلك :

2079 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قلت لمالك : ما الحكمة ؟ قال : المعرفة بالدين ، والفقه في الدين ، والاتباع له .

2080 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "والحكمة" قال : "الحكمة" : الدين الذي لا يعرفونه إلا به صلى الله عليه وسلم ، يعلمهم إياها . قال : و"الحكمة" ، العقل في الدين وقرأ : ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) [ سورة البقرة : 269 ] ، وقال لعيسى ، ( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ) [ سورة آل عمران : 48 ] قال : وقرأ ابن زيد : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) [ سورة الأعراف : 175 ] قال : لم ينتفع بالآيات ، حيث لم تكن معها حكمة . قال : "والحكمة" شيء يجعله الله في القلب ، ينور له به .

قال أبو جعفر : والصواب من القول عندنا في "الحكمة" ، أنها العلم بأحكام الله التي لا يدرك علمها إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمعرفة بها ، وما دل عليه ذلك من نظائره . وهو عندي مأخوذ من "الحكم" الذي بمعنى الفصل بين الحق والباطل ، بمنزلة "الجلسة والقعدة" من "الجلوس والقعود" ، يقال منه : "إن فلانا لحكيم بين الحكمة" ، يعني به : إنه لبين الإصابة في القول والفعل .

وإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الآية : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو [ ص: 88 ] عليهم آياتك ، ويعلمهم كتابك الذي تنزله عليهم ، وفصل قضائك وأحكامك التي تعلمه إياها .

التالي السابق


الخدمات العلمية