القول في تأويل قوله تعالى : (
سلام على إل ياسين ( 130 )
إنا كذلك نجزي المحسنين ( 131 )
إنه من عبادنا المؤمنين ( 132 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أمنة من الله لآل ياسين .
[ ص: 101 ] واختلفت القراء في قراءة قوله (
سلام على إل ياسين ) فقرأته عامة قراء مكة
والبصرة والكوفة : (
سلام على إل ياسين ) بكسر الألف من
إل ياسين ، فكان بعضهم يقول : هو اسم
إلياس ، ويقول : إنه كان يسمى باسمين :
إلياس ، وإلياسين مثل
إبراهيم ، وإبراهام ، يستشهد على ذلك ، أن ذلك كذلك ؛ بأن جميع ما في السورة من قوله ( سلام ) فإنه سلام على النبي الذي ذكر دون آله ، فكذلك
إلياسين ، إنما هو سلام على
إلياس دون آله . وكان بعض أهل العربية يقول :
إلياس : اسم من أسماء العبرانية ، كقولهم :
إسماعيل وإسحاق ، والألف واللام منه ، ويقول : لو جعلته عربيا من الإلس ، فتجعله إفعالا مثل الإخراج ، والإدخال - أجري .
ويقول : قال : سلام على
إلياسين ، فتجعله بالنون ، والعجمي من الأسماء قد تفعل به هذا العرب ، تقول :
ميكال وميكائيل وميكائين ، وهي في
بني أسد تقول : هذا إسماعين قد جاء ، وسائر العرب باللام قال : وأنشدني بعض
بني نمير لضب صاده :
يقول رب السوق لما جينا هذا ورب البيت إسرائينا
[ ص: 102 ] قال : فهذا كقوله
إلياسين قال : وإن شئت ذهبت
بإلياسين إلى أن تجعله جمعا ، فتجعل أصحابه داخلين في اسمه ، كما تقول لقوم رئيسهم المهلب : قد جاءتكم المهالبة والمهلبون ، فيكون بمنزلة قولهم الأشعرين بالتخفيف ، والسعدين بالتخفيف وشبهه ، قال الشاعر :
أنا ابن سعد سيد السعدينا
قال : وهو في الاثنين أن يضم أحدهما إلى صاحبه إذا كان أشهر منه اسما كقول الشاعر :
جزاني الزهدمان جزاء سوء وكنت المرء يجزى بالكرامه
[ ص: 103 ] واسم أحدهما : زهدم ، وقال الآخر :
جزى الله فيها الأعورين ذمامة وفروة ثفر الثورة المتضاجم
واسم أحدهما أعور .
وقرأ ذلك عامة قراء
المدينة : " سلام على إل ياسين " بقطع إل من
ياسين ، فكان بعضهم يتأول ذلك بمعنى : سلام على آل
محمد . وذكر عن بعض القراء أنه كان يقرأ قوله " وإن الياس " بترك الهمز في
إلياس ويجعل الألف واللام داخلتين على " ياس " للتعريف ، ويقول : إنما كان اسمه " ياس " ؛ أدخلت عليه ألف ولام ثم يقرأ على ذلك : " سلام على
الياسين " .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه : (
سلام على إل ياسين ) بكسر ألفها على مثال إدراسين ، لأن الله - تعالى ذكره - إنما أخبر عن كل موضع ذكر فيه نبيا من أنبيائه صلوات الله عليهم في هذه السورة بأن عليه سلاما لا على آله ، فكذلك السلام في هذا الموضع ينبغي أن يكون على
إلياس كسلامه على غيره من أنبيائه ، لا على آله ، على نحو ما بينا من معنى ذلك .
فإن ظن ظان أن
إلياسين غير
إلياس ، فإن فيما حكينا من احتجاج من احتج بأن
إلياسين هو
إلياس غنى عن الزيادة فيه .
مع أن فيما حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
سلام على إل ياسين ) قال :
إلياس .
وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : " سلام على إدراسين " دلالة واضحة على خطأ قول من قال : عنى بذلك سلام على آل
محمد ، ، وفساد قراءة من قرأ : " وإن الياس " بوصل
[ ص: 104 ] النون من " إن "
ب "الياس" ، وتوجيه الألف واللام فيه إلى أنهما أدخلتا تعريفا للاسم الذي هو ياس ، وذلك أن عبد الله كان يقول :
إلياس هو
إدريس ، ويقرأ : " وإن إدريس لمن المرسلين " ، ثم يقرأ على ذلك : " سلام على إد راسين " ، كما قرأ الآخرون : (
سلام على إل ياسين ) بقطع الآل من
ياسين . ونظير تسمية
إلياس بإلياسين : (
وشجرة تخرج من طور سيناء ) ثم قال في موضع آخر : ( وطور سينين ) وهو موضع واحد سمي بذلك .
وقوله (
إنا كذلك نجزي المحسنين ) يقول - تعالى ذكره - : إنا هكذا نجزي أهل طاعتنا والمحسنين أعمالا وقوله (
إنه من عبادنا المؤمنين ) يقول : إن
إلياس عبد من عبادنا الذين آمنوا ، فوحدونا ، وأطاعونا ، ولم يشركوا بنا شيئا .