القول في تأويل قوله تعالى : (
فإنكم وما تعبدون ( 161 )
ما أنتم عليه بفاتنين ( 162 )
إلا من هو صالي الجحيم ( 163 )
وما منا إلا له مقام معلوم ( 164 ) )
[ ص: 123 ] يقول - تعالى ذكره - : ( فإنكم ) أيها المشركون بالله ( وما تعبدون ) من الآلهة والأوثان (
ما أنتم عليه بفاتنين ) يقول : ما أنتم على ما تعبدون من دون الله بفاتنين : أي بمضلين أحدا (
إلا من هو صالي الجحيم ) يقول : إلا أحدا سبق في علمي أنه صال الجحيم .
وقد قيل : إن معنى ( عليه ) في قوله (
ما أنتم عليه بفاتنين ) بمعنى : به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين ) يقول : لا تضلون أنتم ، ولا أضل منكم إلا من قد قضيت أنه صال الجحيم .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صالي الجحيم ) يقول : ما أنتم بفاتنين على أوثانكم أحدا ، إلا من قد سبق له أنه صال الجحيم .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
خالد قال : قلت
للحسن قوله (
ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صالي الجحيم ) إلا من أوجب الله عليه أن يصلى الجحيم .
حدثنا
علي بن سهل قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15942زيد بن أبي الزرقاء ، عن
حماد بن سلمة ، عن
حميد قال : سألت
الحسن ، عن قول الله : (
ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صالي الجحيم ) قال : ما أنتم عليه بمضلين إلا من كان في علم الله أنه سيصلى الجحيم .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
إبراهيم (
ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صالي الجحيم ) : إلا من قدر عليه أنه يصلى الجحيم .
[ ص: 124 ] حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
يعقوب ، عن
جعفر ، عن العشرة الذين دخلوا على
عمر بن عبد العزيز ، وكانوا متكلمين كلهم ، فتكلموا ، ثم إن
عمر بن عبد العزيز تكلم بشيء ، فظننا أنه تكلم بشيء رد به ما كان في أيدينا ، فقال لنا : هل تعرفون تفسير هذه الآية : (
فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صالي الجحيم ) قال : إنكم والآلهة التي تعبدونها لستم بالذي تفتنون عليها إلا من قضيت عليه أنه يصلى الجحيم .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
إبراهيم (
إلا من هو صالي الجحيم ) قال : ما أنتم بمضلين إلا من كتب عليه أنه يصلى الجحيم .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
فإنكم وما تعبدون ) حتى بلغ : ( صالي الجحيم ) يقول : ما أنتم بمضلين أحدا من عبادي بباطلكم هذا ، إلا من تولاكم بعمل النار .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
ما أنتم عليه بفاتنين ) بمضلين (
إلا من هو صالي الجحيم ) إلا من كتب الله أنه يصلى الجحيم .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صالي الجحيم ) يقول : لا تضلون بآلهتكم أحدا إلا من سبقت له الشقاوة ، ومن هو صال الجحيم .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صالي الجحيم ) يقول : لا تفتنون به أحدا ، ولا تضلونه ، إلا من قضى الله أنه صال الجحيم ، إلا من قد قضى أنه من أهل النار .
وقيل : ( بفاتنين ) من فتنت أفتن ، وذلك لغة
أهل الحجاز ، وأما
أهل نجد فإنهم يقولون : أفتنته فأنا أفتنه . وقد ذكر عن
الحسن أنه قرأ : " إلا من هو صال
[ ص: 125 ] الجحيم " برفع اللام من " صال " ، فإن كان أراد بذلك الجمع كما قال الشاعر :
إذا ما حاتم وجد ابن عمي مجدنا من تكلم أجمعينا
فقال : أجمعينا ، ولم يقل : تكلموا ، وكما يقال في الرجال : من هو إخوتك ، يذهب بهو إلى الاسم المجهول ويخرج فعله على الجمع ، فذلك وجه ، وإن كان غيره أفصح منه ، وإن كان أراد بذلك واحدا فهو عند أهل العربية لحن ؛ لأنه لحن عندهم أن يقال : هذا رام وقاض ، إلا أن يكون سمع في ذلك من العرب لغة مقلوبة مثل قولهم : شاك السلاح ، وشاكي السلاح ، وعاث وعثا وعاق وعقا ، فيكون لغة ، ولم أسمع أحدا يذكر سماع ذلك من العرب .
وقوله (
وما منا إلا له مقام معلوم ) وهذا خبر من الله عن قيل الملائكة أنهم قالوا : وما منا معشر الملائكة إلا من له مقام في السماء معلوم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 126 ] حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله (
وما منا إلا له مقام معلوم ) قال : الملائكة .
حدثني
يونس قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله (
وما منا إلا له مقام معلوم ) قال : الملائكة .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
وما منا إلا له مقام معلوم ) هؤلاء الملائكة .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) كان
مسروق بن الأجدع يروي عن
عائشة أنها قالت : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : "
ما في سماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم " . فذلك قول الملائكة : ( وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون )
حدثني
موسى بن إسحاق الحبئي المعروف بابن القواس قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17329يحيى بن عيسى الرملي ، عن
الأعمش عن
أبي يحيى ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الدنيا ، لأفسدت على الناس معايشهم ، وإن ناركم هذه لتعوذ من نار جهنم .
حدثنا
موسى بن إسحاق قال : ثنا
يحيى بن عيسى ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : إن ناركم هذه لما أنزلت ، ضربت في البحر مرتين ففترت ، فلولا ذلك لم تنتفعوا بها .