القول في تأويل قوله تعالى : (
وإنا لنحن الصافون ( 165 )
وإنا لنحن المسبحون ( 166 )
وإن كانوا ليقولون ( 167 )
لو أن عندنا ذكرا من الأولين ( 168 )
لكنا عباد الله المخلصين ( 169 ) )
[ ص: 127 ] يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل ملائكته : (
وإنا لنحن الصافون ) لله لعبادته (
وإنا لنحن المسبحون ) له ، يعني بذلك المصلين له .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال به أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن علي بن الحسن بن شفيق المروزي قال : ثنا
أبو معاذ الفضل بن خالد قال : ثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك بن مزاحم يقول قوله (
وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) كان
مسروق بن الأجدع ، يروي عن
عائشة أنها قالت : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : "
ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم " ، فذلك قول الله : ( وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون )
حدثني
أبو السائب قال : ثنا
أبو معاوية ، عن
الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق قال : قال
عبد الله : إن من السماوات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدمه قائما قال : ثم قرأ : (
وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
أبي الضحى عن
مسروق عن
عبد الله قال : إن من السماوات سماء ما فيها موضع إلا فيه ملك ساجد ، أو قدماه قائم ، ثم قرأ : (
وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية قال : أخبرنا
الجريري ، [ ص: 128 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة قال : كان
عمر إذا أقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه ، فقال : يا أيها الناس استووا ، إن الله إنما يريد بكم هدي الملائكة (
وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) استووا ، تقدم أنت يا فلان ، تأخر أنت . أي هذا ، فإذا استووا تقدم فكبر .
حدثني
موسى بن عبد الرحمن قال : ثني
أبو أسامة قال : ثني
الجريري سعيد بن إياس أبو مسعود قال : ثني
أبو نضرة قال : كان عمر إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه ، ثم قال : أقيموا صفوفكم واستووا فإنما يريد الله بكم هدي الملائكة ، يقول : (
وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) ثم ذكر نحوه .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال ، ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
وإنا لنحن الصافون ) قال : يعني الملائكة (
وإنا لنحن المسبحون ) قال : الملائكة صافون تسبح لله عز وجل .
حدثني
محمد بن عمرو . قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وإنا لنحن الصافون ) قال : الملائكة .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
سليمان قال : ثنا
أبو هلال ، عن
قتادة (
وإنا لنحن الصافون ) قال : الملائكة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
وإنا لنحن الصافون ) قال : صفوف في السماء (
وإنا لنحن المسبحون ) : أي المصلون ، هذا قول الملائكة يثنون بمكانهم من العبادة .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله (
وإنا لنحن الصافون ) قال : للصلاة .
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال :
[ ص: 129 ] وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
عبد الله قال : ما في السماء موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه ، ساجدا أو قائما أو راكعا ، ثم قرأ هذه الآية (
وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
وإنا لنحن الصافون ) قال : الملائكة ، هذا كله لهم .
وقوله (
وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله ) يقول - تعالى ذكره - : وكان هؤلاء المشركون من
قريش يقولون قبل أن يبعث إليهم
محمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ، (
لو أن عندنا ذكرا من الأولين ) يعني كتابا أنزل من السماء كالتوراة والإنجيل ، أو نبي أتانا مثل الذي أتى
اليهود والنصارى (
لكنا عباد الله ) الذين أخلصهم لعبادته ، واصطفاهم لجنته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين ) قال : قد قالت هذه الأمة ذاك قبل أن يبعث
محمد - صلى الله عليه وسلم - : لو كان عندنا ذكر من الأولين ، لكنا عباد الله المخلصين ، فلما جاءهم
محمد - صلى الله عليه وسلم - كفروا به ، فسوف يعلمون .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله (
ذكرا من الأولين ) قال : هؤلاء ناس من مشركي العرب قالوا : لو أن عندنا كتابا من كتب الأولين ، أو جاءنا علم من علم الأولين قال : قد جاءكم
محمد بذلك .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : رجع الحديث إلى الأولين أهل الشرك (
وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين )
[ ص: 130 ] حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين ) هذا قول مشركي
أهل مكة ، فلما جاءهم ذكر الأولين وعلم الآخرين ، كفروا به فسوف يعلمون .