القول في تأويل قوله تعالى : (
أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب ( 10 )
جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ( 11 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أم لهؤلاء المشركين الذين هم في عزة وشقاق (
ملك السماوات والأرض وما بينهما ) فإنه لا يعازني ويشاقني من كان في ملكي وسلطاني . وقوله (
فليرتقوا في الأسباب ) يقول : وإن كان لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما ، فليصعدوا في أبواب السماء وطرقها ، فإن من كان له ملك شيء لم يتعذر عليه الإشراف عليه ، وتفقده وتعهده .
واختلف أهل التأويل في معنى الأسباب التي ذكرها الله في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عني بها أبواب السماء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
فليرتقوا في الأسباب ) قال : طرق السماء وأبوابها .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
فليرتقوا في الأسباب ) يقول : في أبواب السماء .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله ( في الأسباب ) قال : أسباب السماوات .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله
[ ص: 157 ] (
فليرتقوا في الأسباب ) قال : طرق السماوات .
حدثت عن
المحاربي عن
جويبر ، عن
الضحاك (
أم لهم ملك السماوات والأرض ) يقول : إن كان (
لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب ) يقول : فليرتقوا إلى السماء السابعة .
حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
فليرتقوا في الأسباب ) يقول : في السماء .
وذكر عن
الربيع بن أنس في ذلك ما حدثت عن
المسيب بن شريك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي عن
الربيع بن أنس قال : الأسباب أدق من الشعر ، وأشد من الحديد ، وهو بكل مكان ، غير أنه لا يرى .
وأصل السبب عند العرب : كل ما تسبب به إلى الوصول إلى المطلوب من حبل أو وسيلة ، أو رحم ، أو قرابة أو طريق ، أو محجة وغير ذلك .
وقوله (
جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ) يقول - تعالى ذكره - : هم ( جند ) يعني الذين في عزة وشقاق هنالك ، يعني : ببدر مهزوم . وقوله ( هنالك ) من صلة مهزوم وقوله ( من الأحزاب ) يعني من أحزاب إبليس وأتباعه الذين مضوا قبلهم ، فأهلكهم الله بذنوبهم . و " من " من قوله ( من الأحزاب ) من صلة قوله جند ، ومعنى الكلام : هم جند من الأحزاب مهزوم هنالك ، وما في قوله (
جند ما هنالك ) صلة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ) قال :
قريش من الأحزاب قال : القرون الماضية .
[ ص: 158 ] حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ) قال : وعده الله وهو
بمكة يومئذ أنه سيهزم جندا من المشركين ، فجاء تأويلها يوم بدر .
وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك (
جند ما هنالك ) مغلوب عن أن يصعد إلى السماء .