القول في تأويل قوله تعالى : (
خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار ( 5 ) )
يقول - تعالى ذكره - واصفا نفسه بصفتها : (
خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) يقول : يغشي هذا على هذا ، وهذا على هذا ، كما قال (
يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) يقول : يحمل الليل على النهار .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد قوله : (
يكور الليل على النهار ) قال : يدهوره .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) قال : يغشى هذا هذا ، ويغشى هذا هذا .
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله :
[ ص: 254 ] (
يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) قال : يجيء بالنهار ويذهب بالليل ، ويجيء بالليل ، ويذهب بالنهار .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد فى قوله : (
يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) حين يذهب بالليل ويكور النهار عليه ، ويذهب بالنهار ويكور الليل عليه .
وقوله : (
وسخر الشمس والقمر ) يقول - تعالى ذكره - : وسخر الشمس والقمر لعباده ، ليعلموا بذلك عدد السنين والحساب ، ويعرفوا الليل من النهار لمصلحة معاشهم (
كل يجري لأجل مسمى ) يقول : ( كل ) ذلك يعني الشمس والقمر ( يجري لأجل مسمى ) يعني إلى قيام الساعة ، وذلك إلى أن تكور الشمس ، وتنكدر النجوم . وقيل : معنى ذلك : أن لكل واحد منهما منازل ، لا تعدوه ولا تقصر دونه (
ألا هو العزيز الغفار ) يقول - تعالى ذكره - : ألا إن الله الذي فعل هذه الأفعال وأنعم على خلقه هذه النعم هو العزيز في انتقامه ممن عاداه ، الغفار لذنوب عباده التائبين إليه منها بعفوه لهم عنها .