القول في
تأويل قوله تعالى ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "أم كنتم شهداء" ، أكنتم . ولكنه استفهم ب"أم" ، إذ كان استفهاما مستأنفا على كلام قد سبقه ، كما قيل : (
الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه ) [ سورة السجدة : 1 - 3 ] وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه ، تستفهم فيه ب"أم" .
"والشهداء" جمع"شهيد" ، كما "الشركاء" جمع "شريك" و"الخصماء" جمع "خصيم" .
قال
أبو جعفر وتأويل الكلام : أكنتم - يا معشر اليهود والنصارى ، المكذبين
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، الجاحدين نبوته - ، حضور
يعقوب وشهوده إذ حضره الموت ، أي إنكم لم تحضروا ذلك ، فلا تدعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل ، وتنحلوهم اليهودية والنصرانية ، فإني ابتعثت خليلي
إبراهيم - وولده
إسحاق وإسماعيل وذريتهم - بالحنيفية المسلمة ، وبذلك وصوا بنيهم ، وبه عهدوا إلى أولادهم من بعدهم . فلو حضرتموهم
[ ص: 98 ] فسمعتم منهم ، علمتم أنهم على غير ما نحلتموهم من الأديان والملل من بعدهم .
وهذه آيات نزلت ، تكذيبا من الله تعالى
لليهود والنصارى في دعواهم في
إبراهيم وولده
يعقوب : أنهم كانوا على ملتهم ، فقال لهم في هذه الآية : "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت" ، فتعلموا ما قال لولده وقال له ولده ؟ ثم أعلمهم ما قال لهم وما قالوا له . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
2088 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع قوله : "أم كنتم شهداء" ، يعني أهل الكتاب .