1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الزمر
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ( 21 ) )

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( ألم تر ) يا محمد ( أن الله أنزل من السماء ماء ) وهو المطر ( فسلكه ينابيع في الأرض ) يقول : فأجراه عيونا في الأرض ، واحدها ينبوع ، وهو ما جاش من الأرض .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن جابر عن الشعبي في قوله : ( فسلكه ينابيع في الأرض ) قال : كل ندى وماء في الأرض من السماء نزل .

قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن جابر عن الحسن بن مسلم بن بيان قال : ثم أنبت بذلك الماء الذي أنزله من السماء فجعله في الأرض عيونا - زرعا ( مختلفا ألوانه ) يعني : أنواعا مختلفة من بين حنطة وشعير وسمسم وأرز ، ونحو ذلك من الأنواع المختلفة ( ثم يهيج فتراه مصفرا ) يقول : ثم ييبس ذلك الزرع من بعد خضرته ، يقال للأرض إذا يبس ما فيها من الخضر وذوى : هاجت [ ص: 277 ] الأرض ، وهاج الزرع .

وقوله : ( فتراه مصفرا ) يقول : فتراه من بعد خضرته ورطوبته قد يبس فصار أصفر ، وكذلك الزرع إذا يبس اصفر ( ثم يجعله حطاما ) والحطام : فتات التبن والحشيش ، يقول : ثم يجعل ذلك الزرع بعد ما صار يابسا فتاتا متكسرا .

وقوله : ( إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ) يقول - تعالى ذكره - : إن في فعل الله ذلك كالذي وصف لذكرى وموعظة لأهل العقول والحجا يتذكرون به ، فيعلمون أن من فعل ذلك فلن يتعذر عليه إحداث ما شاء من الأشياء ، وإنشاء ما أراد من الأجسام والأعراض ، وإحياء من هلك من خلقه من بعد مماته وإعادته من بعد فنائه ، كهيئته قبل فنائه ، كالذي فعل بالأرض التي أنزل عليها من بعد موتها الماء ، فأنبت بها الزرع المختلف الألوان بقدرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية