القول في تأويل
قوله تعالى : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ( 54 )
واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ( 55 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وقبلوا أيها الناس إلى ربكم بالتوبة ، وارجعوا إليه بالطاعة له ، واستجيبوا له إلى ما دعاكم إليه من توحيده ، وإفراد الألوهة له ، وإخلاص العبادة له .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
وأنيبوا إلى ربكم ) : أي أقبلوا إلى ربكم .
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ( وأنيبوا ) قال : أجيبوا .
[ ص: 312 ]
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وأنيبوا إلى ربكم ) قال : الإنابة : الرجوع إلى الطاعة ، والنزوع عما كانوا عليه ، ألا تراه يقول : (
منيبين إليه واتقوه ) .
وقوله : ( وأسلموا له ) يقول : واخضعوا له بالطاعة والإقرار بالدين الحنيفي (
من قبل أن يأتيكم العذاب ) من عنده على كفركم به .
(
ثم لا تنصرون ) يقول : ثم لا ينصركم ناصر ، فينقذكم من عذابه النازل بكم .
وقوله : (
واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) يقول - تعالى ذكره - : واتبعوا أيها الناس ما أمركم به ربكم في تنزيله ، واجتنبوا ما نهاكم فيه عنه ، وذلك هو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا .
فإن قال قائل : ومن القرآن شيء وهو أحسن من شيء ؟ قيل له : القرآن كله حسن ، وليس معنى ذلك ما توهمت ، وإنما معناه : واتبعوا مما أنزل إليكم ربكم من الأمر والنهي والخبر ، والمثل ، والقصص ، والجدل ، والوعد ، والوعيد أحسنه أن تأتمروا لأمره ، وتنتهوا عما نهى عنه ، لأن النهي مما أنزل في الكتاب ، فلو عملوا بما نهوا عنه كانوا عاملين بأقبحه ، فذلك وجهه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) يقول : ما أمرتم به في الكتاب (
من قبل أن يأتيكم العذاب ) قوله : (
من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة ) يقول : من قبل أن يأتيكم عذاب الله فجأة (
وأنتم لا تشعرون ) يقول : وأنتم لا تعلمون به حتى يغشاكم فجأة .