القول في
تأويل قوله تعالى : ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ( 59 ) )
يقول - تعالى ذكره - مكذبا للقائل : (
لو أن الله هداني لكنت من المتقين ) ، وللقائل : (
لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) : ما القول كما تقولون (
بلى قد جاءتك ) أيها المتمني على الله الرد إلى الدنيا لتكون فيها من المحسنين ( آياتي ) يقول : قد جاءتك حججي من بين رسول أرسلته إليك ، وكتاب أنزلته يتلى عليك ما فيه من الوعد والوعيد والتذكير ( فكذبت ) بآياتي ( واستكبرت ) عن قبولها واتباعها (
وكنت من الكافرين ) يقول : وكنت ممن يعمل عمل الكافرين ، ويستن بسنتهم ، ويتبع منهاجهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة : يقول الله ردا
[ ص: 318 ] لقولهم ، وتكذيبا لهم ، يعني لقول القائلين : (
لو أن الله هداني ) ، والصنف الآخر : (
بلى قد جاءتك آياتي ) . . . الآية .
وبفتح الكاف والتاء من قوله (
قد جاءتك آياتي فكذبت ) على وجه المخاطبة للذكور ، قرأه القراء في جميع أمصار الإسلام . وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ ذلك بكسر جميعه على وجه الخطاب للنفس ، كأنه قال : أن تقول نفس : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ، بلى قد جاءتك أيتها النفس آياتي ، فكذبت بها ، أجرى الكلام كله على النفس ، إذ كان ابتداء الكلام بها جرى ، والقراءة التي لا أستجيز خلافها ، ما جاءت به قراء الأمصار مجمعة عليه ، نقلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الفتح في جميع ذلك .