[ ص: 373 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال ( 25 ) )
يقول - تعالى ذكره - : فلما جاء
موسى هؤلاء الذين أرسله الله إليهم بالحق من عندنا ، وذلك مجيئه إياهم بتوحيد الله ، والعمل بطاعته ، مع إقامة الحجة عليهم ، بأن الله ابتعثه إليهم بالدعاء إلى ذلك (
قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا ) بالله ( معه ) من بني إسرائيل (
واستحيوا نساءهم ) يقول : واستبقوا نساءهم للخدمة .
فإن قال قائل : وكيف قيل (
فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم ) ، وإنما كان قتل
فرعون الولدان من بني إسرائيل حذار المولود الذي كان أخبر أنه على رأسه ذهاب ملكه ، وهلاك قومه ، وذلك كان فيما يقال قبل أن يبعث الله
موسى نبيا ؟ قيل : إن هذا الأمر بقتل أبناء الذين آمنوا مع
موسى ، واستحياء نسائهم ، كان أمرا من
فرعون وملئه من بعد الأمر الأول الذي كان من فرعون قبل مولد
موسى .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة : (
فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم ) قال : هذا قتل غير القتل الأول الذي كان .
وقوله : (
وما كيد الكافرين إلا في ضلال ) يقول : وما احتيال أهل الكفر لأهل الإيمان بالله إلا في جور عن سبيل الحق ، وصد عن قصد المحجة ، وأخذ على غير هدى .