القول في تأويل قوله تعالى : (
لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار ( 43 ) )
يقول : حقا أن الذي تدعونني إليه من الأوثان ، ليس له دعاء في الدنيا ولا في الآخرة ، لأنه جماد لا ينطق ، ولا يفهم شيئا .
[ ص: 392 ]
و بنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
ليس له دعوة في الدنيا ) قال : الوثن ليس بشيء .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة ) : أي لا ينفع ولا يضر .
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله : (
ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة ) .
وقوله : (
وأن مردنا إلى الله ) يقول : وأن مرجعنا ومنقلبنا بعد مماتنا إلى الله (
وأن المسرفين هم أصحاب النار ) يقول : وإن المشركين بالله المتعدين حدوده ، القتلة النفوس التي حرم الله قتلها ، هم أصحاب نار جهنم عند مرجعنا إلى الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في معنى المسرفين في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هم سفاكو الدماء بغير حقها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد ، في قوله : (
وأن المسرفين هم أصحاب النار ) قال : هم السفاكون الدماء بغير حقها .
حدثنا
علي بن سهل قال : ثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد في قول الله (
وأن المسرفين هم أصحاب النار ) قال : هم السفاكون الدماء
[ ص: 393 ] بغير حقها .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله : (
وأن المسرفين ) قال : السفاكون الدماء بغير حقها ، هم أصحاب النار .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وأن المسرفين هم أصحاب النار ) قال : سماهم الله مسرفين ،
فرعون ومن معه .
وقال آخرون : هم المشركون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، (
وأن المسرفين هم أصحاب النار ) : أي المشركون . وقد بينا معنى الإسراف فيما مضى قبل بما فيه الكفاية من إعادته في هذا الموضع .
وإنما اخترنا في تأويل ذلك في هذا الموضع ما اخترنا ، لأن قائل هذا القول
لفرعون وقومه ، إنما قصد
فرعون به لكفره ، وما كان هم به من قتل
موسى ، وكان
فرعون عاليا عاتيا في كفر . سفاكا للدماء التي كان محرما عليه سفكها ، وكل ذلك من الإسراف ، فلذلك اخترنا ما اخترنا من التأويل في ذلك .