القول في تأويل قوله تعالى : (
وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ( 49 )
قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ( 50 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وقال أهل جهنم لخزنتها وقوامها ، استغاثة بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء ، ورجاء أن يجدوا من عندهم فرجا (
ادعوا ربكم ) لنا (
يخفف عنا يوما ) واحدا ، يعني قدر يوم واحد من أيام الدنيا ( من العذاب ) الذي نحن فيه . وإنما قلنا : معنى ذلك : قدر يوم من أيام الدنيا ، لأن الآخرة يوم لا ليل فيه ، فيقال : خفف عنهم يوما واحدا .
وقوله : (
قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ) يقول - تعالى ذكره - : قالت خزنة جهنم لهم : أو لم تك تأتيكم في الدنيا رسلكم بالبينات من الحجج
[ ص: 400 ] على توحيد الله ، فتوحدوه وتؤمنوا به ، وتتبرءوا مما دونه من الآلهة ؟ قالوا : بلى ، قد أتتنا رسلنا بذلك .
وقوله : (
قالوا فادعوا ) يقول - جل ثناؤه - : قالت الخزنة لهم : فادعوا إذن ربكم الذي أتتكم الرسل بالدعاء إلى الإيمان به .
وقوله : (
وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) يقول : قد دعوا وما دعاؤهم إلا في ضلال ، لأنه دعاء لا ينفعهم ، ولا يستجاب لهم ، بل يقال لهم : (
اخسئوا فيها ولا تكلمون ) .