1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة غافر
  4. القول في تأويل قوله تعالى " هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ( 68 ) ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ( 69 ) )

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل لهم يا محمد : ( هو الذي يحيي ويميت ) يقول قل لهم : ومن صفته - جل ثناؤه - أنه هو الذي يحيي من يشاء بعد مماته ، ويميت من يشاء من الأحياء بعد حياته و ( إذا قضى أمرا ) [ ص: 413 ] يقول : وإذا قضى كون أمر من الأمور التي يريد تكوينها ( فإنما يقول له كن ) يعني للذي يريد تكوينه كن ، فيكون ما أراد تكوينه موجودا بغير معاناة ، ولا كلفة مؤنة .

وقوله : ( ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ) يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ألم تر يا محمد هؤلاء المشركين من قومك ، الذين يخاصمونك في حجج الله وآياته ( أنى يصرفون ) يقول : أي وجه يصرفون عن الحق ، ويعدلون عن الرشد .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أنى يصرفون ) : أنى يكذبون ويعدلون .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( أنى يصرفون ) قال : يصرفون عن الحق .

واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية ، فقال بعضهم : عنى بها أهل القدر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى ، قالا ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن داود بن أبي هند . عن محمد بن سيرين قال : إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية ، فإني لا أدري فيمن نزلت : ( ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ) إلى قوله : ( لم نكن ندعو من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين ) .

حدثني علي بن سهل قال : ثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن سفيان ، عن داود بن أبي هند ، عن ابن سيرين قال : إن لم يكن أهل القدر الذين يخوضون في آيات الله فلا علم لنا به .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني مالك بن أبي الخير [ ص: 414 ] الزيادي ، عن أبي قبيل قال : أخبرني عقبة بن عامر الجهني ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سيهلك من أمتي أهل الكتاب ، وأهل اللين " فقال عقبة : يا رسول الله ، وما أهل الكتاب ؟ قال : " قوم يتعلمون كتاب الله يجادلون الذين آمنوا " فقال عقبة : يا رسول الله ، وما أهل اللين ؟ قال : " قوم يتبعون الشهوات ، ويضيعون الصلوات " . قال أبو قبيل : لا أحسب المكذبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا ، وأما أهل اللين ، فلا أحسبهم إلا أهل العمود ليس عليهم إمام جماعة ، ولا يعرفون شهر رمضان .

وقال آخرون : بل عنى به أهل الشرك .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ) قال : هؤلاء المشركون .

والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن زيد ؛ وقد بين الله حقيقة ذلك بقوله : ( الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية