[ ص: 117 ] القول في
تأويل قوله تعالى ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ( 138 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره ب "الصبغة" : صبغة الإسلام . وذلك أن
النصارى إذا أرادت أن تنصر أطفالهم ، جعلتهم في ماء لهم تزعم أن ذلك لها تقديس ، بمنزلة غسل الجنابة لأهل الإسلام ، وأنه صبغة لهم في النصرانية .
فقال الله تعالى ذكره - إذ قالوا لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه المؤمنين به : "كونوا هودا أو نصارى تهتدوا " - : قل لهم يا
محمد : أيها
اليهود والنصارى ، بل اتبعوا ملة
إبراهيم ، صبغة الله التي هي أحسن الصبغ ، فإنها هي الحنيفية المسلمة ، ودعوا الشرك بالله ، والضلال عن محجة هداه .
ونصب "الصبغة " من قرأها نصبا على الرد على "الملة " . وكذلك رفع "الصبغة " من رفع "الملة " ، على ردها عليها .
وقد يجوز رفعها على غير هذا الوجه . وذلك على الابتداء ، بمعنى : هي صبغة الله .
وقد يجوز نصبها على غير وجه الرد على "الملة " ، ولكن على قوله : "قولوا آمنا بالله " إلى قوله "ونحن له مسلمون " ، "صبغة الله " ، بمعنى : آمنا هذا الإيمان ، فيكون الإيمان حينئذ هو صبغة الله .
وبمثل الذي قلنا في تأويل "الصبغة " قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
2113 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله :
[ ص: 118 ] "صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة " إن اليهود تصبغ أبناءها يهود ، والنصارى تصبغ أبناءها نصارى ، وأن صبغة الله الإسلام ، فلا صبغة أحسن من الإسلام ، ولا أطهر ، وهو دين الله بعث به نوحا والأنبياء بعده .
2114 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال
عطاء : "صبغة الله " صبغت اليهود أبناءهم خالفوا الفطرة .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "صبغة الله " . فقال بعضهم : دين الله .
ذكر من قال ذلك :
2115 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة : "صبغة الله " قال : دين الله .
2116 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية في قوله : "صبغة الله " قال : دين الله ، "
ومن أحسن من الله صبغة " ، ومن أحسن من الله دينا .
2117 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن
الربيع مثله .
2118 - حدثنا
أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا
أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا
سفيان ، عن رجل ، عن
مجاهد مثله .
2119 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو نعيم قال : حدثنا
سفيان ، عن
مجاهد مثله .
2120 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
2121 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16796فضيل بن مرزوق ، عن
عطية قوله : "صبغة الله " قال : دين الله .
[ ص: 119 ]
2122 - حدثنا
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة " ، يقول : دين الله ، ومن أحسن من الله دينا .
2123 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : "صبغة الله " قال : دين الله .
2124 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قول الله : "صبغة الله " قال : دين الله .
2125 - حدثني
ابن البرقي قال : حدثنا
عمرو بن أبي سلمة قال : سألت
ابن زيد عن قول الله : "صبغة الله " ، فذكر مثله .
وقال أخرون : "صبغة الله " فطرة الله .
ذكر من قال ذلك :
2126 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : "صبغة الله " قال : فطرة الله التي فطر الناس عليها .
2127 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
محمد بن حرب قال : حدثنا
ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15632جعفر بن ربيعة ، عن
مجاهد : "ومن أحسن من الله صبغة " قال : الصبغة ، الفطرة .
2128 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قال : "صبغة الله " ، الإسلام ، فطرة الله التي فطر الناس عليها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال لي
عبد الله بن كثير : "صبغة الله " قال : دين الله ، ومن أحسن من الله دينا . قال : هي فطرة الله .
[ ص: 120 ]
ومن قال هذا القول ، فوجه "الصبغة " إلى الفطرة ، فمعناه : بل نتبع فطرة الله وملته التي خلق عليها خلقه ، وذلك الدين القيم . من قول الله تعالى ذكره : (
فاطر السماوات والأرض ) [ سورة الأنعام : 14 ] . بمعنى خالق السماوات والأرض .