صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ( 85 ) ) [ ص: 424 ]

يقول - تعالى ذكره - : فلم يك ينفعهم تصديقهم في الدنيا بتوحيد الله عند معاينة عقابه قد نزل ، وعذابه قد حل ، لأنهم صدقوا حين لا ينفع التصديق مصدقا ، إذ كان قد مضى حكم الله في السابق من علمه ، أن من تاب بعد نزول العذاب من الله على تكذيبه لم تنفعه توبته .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) : لما رأوا عذاب الله في الدنيا لم ينفعهم الإيمان عند ذلك .

وقوله : ( سنة الله التي قد خلت في عباده ) يقول : ترك الله تبارك وتعالى إقالتهم ، وقبول التوبة منهم ، ومراجعتهم الإيمان بالله ، وتصديق رسلهم بعد معاينتهم بأسه ، قد نزل بهم سنته التي قد مضت في خلقه ، فلذلك لم يقلهم ولم يقبل توبتهم في تلك الحال .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( سنة الله التي قد خلت في عباده ) يقول : كذلك كانت سنة الله في الذين خلوا من قبل إذا عاينوا عذاب الله لم ينفعهم إيمانهم عند ذلك .

وقوله : ( وخسر هنالك الكافرون ) يقول : وهلك عند مجيء بأس الله ، فغبنت صفقته ووضع في بيعه الآخرة بالدنيا ، والمغفرة بالعذاب ، والإيمان بالكفر ، الكافرون بربهم الجاحدون توحيد خالقهم ، المتخذون من دونه آلهة يعبدونهم من دون بارئهم

آخر تفسير سورة حم المؤمن

[ ص: 425 ] [ ص: 426 ] [ ص: 427 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية