القول في تأويل قوله تعالى : (
وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ( 26 )
فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ( 27 ) )
يقول - تعالى ذكره - : (
وقال الذين كفروا ) بالله ورسوله من مشركي
قريش :
[ ص: 460 ] (
لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) يقول : قالوا للذين يطيعونهم من أوليائهم من المشركين : لا تسمعوا لقارئ هذا القرآن إذا قرأه ، ولا تصغوا له ، ولا تتبعوا ما فيه فتعملوا به .
كما حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) قال : هذا قول المشركين ، قالوا : لا تتبعوا هذا القرآن والهوا عنه .
وقوله : ( والغوا فيه ) يقول : الغطوا بالباطل من القول إذا سمعتم قارئه يقرؤه كيما لا تسمعوه ، ولا تفهموا ما فيه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) قال : المكاء والتصفير ، وتخليط من القول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ ،
قريش تفعله .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : ( والغوا فيه ) قال : بالمكاء والتصفير والتخليط في المنطق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ القرآن ،
قريش تفعله .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) : أي اجحدوا به وأنكروه وعادوه ، قال : هذا قول مشركي العرب .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر قال : قال بعضهم
[ ص: 461 ] في قوله : ( والغوا فيه ) قال : تحدثوا وصيحوا كيما لا تسمعوه .
وقوله : (
لعلكم تغلبون ) يقول : لعلكم بفعلكم ذلك تصدون من أراد استماعه عن استماعه ، فلا يسمعه ، وإذا لم يسمعه ولم يفهمه لم يتبعه ، فتغلبون بذلك من فعلكم
محمدا .
قال الله - جل ثناؤه - : (
فلنذيقن الذين كفروا ) بالله من مشركي
قريش الذين قالوا هذا القول عذابا شديدا في الآخرة (
ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ) يقول : ولنثيبنهم على فعلهم ذلك وغيره من أفعالهم بأقبح جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا .