القول في
تأويل قوله تعالى : ( له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم ( 12 ) )
يعني - تعالى ذكره - بقوله : (
له مقاليد السماوات والأرض ) : له مفاتيح خزائن السموات والأرض وبيده مغاليق الخير والشر ومفاتيحها ، فما يفتح من رحمة فلا ممسك لها ، وما يمسك فلا مرسل له من بعده .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 511 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
له مقاليد السماوات والأرض ) قال : مفاتيح بالفارسية .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
له مقاليد السماوات والأرض ) قال : مفاتيح السموات والأرض . وعن
الحسن بمثل ذلك .
ثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
له مقاليد السماوات والأرض ) قال : خزائن السموات والأرض .
وقوله : (
يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) يقول : يوسع رزقه وفضله على من يشاء من خلقه ، ويبسط له ، ويكثر ماله ويغنيه . ويقدر : يقول : ويقتر على من يشاء منهم فيضيقه ويفقره . (
إنه بكل شيء عليم ) يقول : إن الله تبارك وتعالى بكل ما يفعل من توسيعه على من يوسع ، وتقتيره على من يقتر ، ومن الذي يصلحه البسط عليه في الرزق ، ويفسده من خلقه ، والذي يصلحه التقتير عليه ويفسده ، وغير ذلك من الأمور ، ذو علم لا يخفى عليه موضع البسط والتقتير وغيره ، من صلاح تدبير خلقه .
يقول - تعالى ذكره - : فإلى من له مقاليد السموات والأرض الذي صفته ما وصفت لكم في هذه الآيات أيها الناس فارغبوا ، وإياه فاعبدوا مخلصين له الدين لا الأوثان والآلهة والأصنام ، التي لا تملك لكم ضرا ولا نفعا .