[ ص: 523 ] القول في
تأويل قوله تعالى : ( ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ( 22 ) )
يقول - تعالى ذكره - لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - : ترى يا
محمد الكافرين بالله يوم القيامة (
مشفقين مما كسبوا ) يقول : وجلين خائفين من عقاب الله على ما كسبوا في الدنيا من أعمالهم الخبيثة . (
وهو واقع بهم ) يقول : والذين هم مشفقون منه من عذاب الله نازل بهم ، وهم ذائقوه لا محالة .
وقوله : (
والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) يقول - تعالى ذكره - : والذين آمنوا بالله وأطاعوه فيما أمر ونهى في الدنيا في روضات البساتين في الآخرة . ويعني بالروضات : جمع روضة ، وهي المكان الذي يكثر نبته ، ولا تقول العرب لمواضع الأشجار رياض؛ ومنه قول
أبي النجم .
والنغض مثل الأجرب المدجل حدائق الروض التي لم تحلل
يعني بالروض : جمع روضة . وإنما عنى - جل ثناؤه - بذلك : الخبر عما هم
[ ص: 524 ] فيه من السرور والنعيم .
كما : حدثني
محمد بن سعد قال : ثنى أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) إلى آخر الآية . قال في رياض الجنة ونعيمها .
وقوله : (
لهم ما يشاءون عند ربهم ) يقول للذين آمنوا وعملوا الصالحات عند ربهم في الآخرة ما تشتهيه أنفسهم ، وتلذه أعينهم ، ذلك هوالفوز الكبير ، يقول - تعالى ذكره - : هذا الذي أعطاهم الله من هذا النعيم ، وهذه الكرامة في الآخرة : هو الفضل من الله عليهم ، الكبير الذي يفضل كل نعيم وكرامة في الدنيا من بعض أهلها على بعض .