القول في
تأويل قوله تعالى : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ( 51 ) )
يقول - تعالى ذكره - :
وما ينبغي لبشر من بني آدم أن يكلمه ربه إلا وحيا يوحي الله إليه كيف شاء ، أو إلهاما وإما غيره (
أو من وراء حجاب ) يقول : أو يكلمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه ، كما كلم موسى نبيه - صلى الله عليه وسلم - (
أو يرسل رسولا ) يقول : أو يرسل الله من ملائكته رسولا إما جبرائيل ، وإما غيره (
فيوحي بإذنه ما يشاء ) يقول : فيوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن ربه ما يشاء ، يعني : ما يشاء ربه أن يوحيه إليه من أمر ونهي ، وغير ذلك من الرسالة والوحي .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله عز وجل : (
وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ) يوحي إليه (
أو من وراء حجاب )
موسى كلمه الله من وراء حجاب ، (
أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ) قال :
جبرائيل يأتي بالوحي .
[ ص: 559 ]
واختلفت القراء في قراءة قوله : (
أو يرسل رسولا ) فيوحي ، فقرأته عامة قراء الأمصار (
فيوحي ) بنصب الياء عطفا على ( يرسل ) ، ونصبوا ( يرسل ) عطفا بها على موضع الوحي ، ومعناه ، لأن معناه وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي إليه أو يرسل إليه رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء . وقرأ ذلك نافع المدني " فيوحي " بإرسال الياء بمعنى الرفع عطفا به على ( يرسل ) ، وبرفع ( يرسل ) على الابتداء .
وقوله : (
إنه علي حكيم ) يقول - تعالى ذكره - إنه يعني نفسه - جل ثناؤه - : ذو علو على كل شيء وارتفاع عليه ، واقتدار . حكيم : يقول : ذو حكمة في تدبيره خلقه .