القول في
تأويل قوله تعالى : ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ( 33 ) )
[ ص: 597 ]
يقول - تعالى ذكره - : (
ولولا أن يكون الناس أمة ) : جماعة واحدة .
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي لم يؤمن اجتماعهم عليه ، لو فعل ما قال - جل ثناؤه - وما به لم يفعله من أجله ، فقال بعضهم : ذلك اجتماعهم على الكفر . وقال :
[ ص: 598 ] معنى الكلام : ولو لا أن يكون الناس أمة واحدة على الكفر ، فيصير جميعهم كفارا (
لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ) .
ذكر من قال ذلك .
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) يقول الله سبحانه : لو لا أن أجعل الناس كلهم كفارا ، لجعلت للكفار لبيوتهم سقفا من فضة .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
هوذة بن خليفة قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن ، في قوله : (
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) قال : لو لا أن يكون الناس كفارا أجمعون ، يميلون إلى الدنيا ، لجعل الله تبارك وتعالى الذي قال ، تم قال : والله لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها ، وما فعل ذلك ، فكيف لو فعله .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) : أي كفارا كلهم .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) قال : لو لا أن يكون الناس كفارا .
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال . ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) يقول : كفارا على دين واحد .
وقال آخرون : اجتماعهم على طلب الدنيا وترك طلب الآخرة . وقال : معنى الكلام : ولو لا أن يكون الناس أمة واحدة على طلب الدنيا ورفض الآخرة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) قال : لو لا أن يختار الناس دنياهم على دينهم ، لجعلنا هذا لأهل الكفر .
وقوله : (
لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ) يقول - تعالى ذكره - : لجعلنا لمن يكفر بالرحمن فى الدنيا سقفا ، يعني أعالي بيوتهم ، وهي السطوح فضة
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
لبيوتهم سقفا من فضة ) السقف : أعلى البيوت .
واختلف أهل العربية فى تكرير اللام التي في قوله : (
لمن يكفر ) وفي قوله : ( لبيوتهم ) ، فكان بعض نحويي
البصرة يزعم أنها أدخلت في البيوت على البدل . وكان بعض نحويي
الكوفة يقول : إن شئت حملتها في ( لبيوتهم ) مكررة ، كما في (
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) وإن شئت جعلت اللامين مختلفتين ، كأن الثانية في معنى على ، كأنه قال : جعلنا لهم على بيوتهم سقفا . قال : وتقول العرب للرجل في وجهه : جعلت لك لقومك الأعطية : أي جعلته من أجلك لهم .
واختلفت القراء في قراءة قوله : " سقفا " فقرأته عامة قراء
أهل مكة وبعض المدنيين وعامة البصريين ( سقفا ) بفتح السين وسكون القاف اعتبارا منهم ذلك بقوله : (
فخر عليهم السقف من فوقهم ) وتوجيها منهم ذلك إلى أنه بلفظ واحد معناه الجمع . وقرأه بعض قراء
المدينة وعامة قراء
الكوفة ( سقفا ) بضم السين والقاف ، ووجهوها إلى أنها جمع سقيفة أو سقوف . وإذا وجهت إلى أنها جمع سقوف كانت جمع الجمع ، لأن السقوف : جمع سقف ، ثم تجمع السقوف سقفا ، فيكون ذلك نظير قراءة من قرأه " فرهن مقبوضة " بضم الراء والهاء ، وهي الجمع ، واحدها
[ ص: 599 ] رهان ورهون ، وواحد الرهون والرهان : رهن .
وكذلك قراءة من قرأ " كلوا من ثمره " بضم الثاء والميم ، ونظير قول الراجز ؟
حتى إذا ابتلت حلاقيم الحلق
وقد زعم بعضهم أن السقف بضم السين والقاف جمع سقف ، والرهن بضم الراء والهاء جمع رهن ، فأغفل وجه الصواب في ذلك ، وذلك أنه غير موجود في كلام العرب اسم على تقدير فعل بفتح الفاء وسكون العين مجموعا على فعل ، فيجعل السقف والرهن مثله .
والصواب من القول في ذلك عندي ، أنهما قراءتان متقاربتا المعنى ، معروفتان في قراءة الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : (
ومعارج عليها يظهرون ) يقول : ومراقي ودرجا عليها يصعدون ، فيظهرون على السقف والمعارج : هي الدرج نفسها ، كما قال
المثنى بن جندل ؟
يا رب رب البيت ذي المعارج
[ ص: 600 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ( ومعارج ) قال : معارج من فضة ، وهي درج .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ومعارج عليها يظهرون ) : أي درجا عليها يصعدون .
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
ومعارج عليها يظهرون ) قال : المعارج : المراقي .
حدثنا
محمد قال : ثنا
ابن ثور ، عن معمر ، عن
قتادة ، في قوله : (
ومعارج عليها يظهرون ) قال : درج عليها يرفعون .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن
ابن عباس قوله : (
ومعارج عليها يظهرون ) قال : درج عليها يصعدون إلى الغرف .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ومعارج عليها يظهرون ) قال : المعارج : درج من فضة .